وثالثها: أن يكون ذلك محمولا على الرجعة، فقد عرفت جملة من الأحاديث الواردة في الأخبار برجعتهم (عليهم السلام) على وجه الخصوص، وعرفت جملة من الأحاديث الواردة في صحة الرجعة على وجه العموم، في كل: من محض الإيمان محضا أو محض الكفر محضا. وكل واحد من القسمين قد تجاوز حد التواتر المعنوي بمراتب، كما رأيت في الأبواب السابقة.
وعلى هذا فالأئمة من بعده هم الأئمة من قبله قد رجعوا بعد موتهم، فلا ينافي ما ثبت من أن الأئمة اثني عشر، لأن العدد لا يزيد بالرجعة، وهذا الوجه يحصل به الجمع بين رواية اثني عشر ورواية أحد عشر، فإن الأولى: محمول على دخول المهدي أو النبي (عليهما السلام) والثانية: لم يلاحظ فيها دخول أحد منهما لحكمة أخرى، ومثل هذه المحاورات كثير، والتخصيص بالذكر لا يدل على التخصيص بالحكم، وليس بصريح في الحصر وما تضمنه الحديث المروي في " كتاب الغيبة " أو على تقدير تسليمه في خصوص الاثني عشر بعد المهدي (عليه السلام) لا ينافي هذا الوجه، لاحتمال أن يكون لفظ ابنه تصحيفا، وأصله أبيه بالياء آخر الحروف، ويراد به الحسين (عليه السلام) لما روي سابقا في أحاديث كثيرة من رجعة الحسين (عليه السلام) عند وفاة المهدي (عليه السلام) ليغسله، ولا ينافي ذلك الأسماء الثلاثة لاحتمال تعدد الأسماء والألقاب لكل واحد منهم (عليهم السلام)، وإن ظهر بعضها ولم يظهر الباقي ولاحتمال تجدد وضع الأسماء في ذلك الزمان له (عليه السلام)، لأجل اقتضاء الحكمة الإلهية.
وقوله (عليه السلام) في حديث أبي حمزة: " اثنا عشر مهديا من ولد الحسين (عليه السلام) " لا يبعد تقدير شئ له يتم به الكلام بأن يقال: أكثرهم من ولد الحسين، ولا يخفى أنه قد يبني المتكلم كلامه على الأكثر الأغلب عند ظهور الأمر، أو إرادة الاجمال، ومما يقرب ذلك ويزيل استبعاد ما ورد في أحاديث النص على الأئمة الاثني عشر (عليهم السلام): أنهم من ولد علي وفاطمة، والحديث موجود في أصول الكليني.