وهذا كما ترى بعيد جدا بل لا وجه له أصلا، وقد احتج لذلك باستحالة حلول الجسم الواحد في مكانين في وقت واحد، وما ذكره هنا مدفوع:
أما أولا: فلعدم معارض لهذه الأحاديث من كلامهم (عليهم السلام).
وأما ثانيا: فلإمكان حضوره (عليه السلام) في مكان معين، يراه كل محتضر تلك الساعة.
كما روى ابن بابويه وغيره: " أن ملك الموت سئل كيف تقبض الأرواح من المشرق والمغرب؟ فقال: إن الدنيا بين يدي كالقصعة بين يدي أحدكم يتناول منها ما يشاء " (1).
وأما ثالثا: فلأنه يمكن أن يكون مخصوصا بالمؤمن الكامل، والكافر الكامل، ومثل هذا لا يتفق في كل شهر مرة.
وأما رابعا: فلأن الأحاديث دالة على الرؤية الحقيقية، لما فيها من ذكر الخطاب والعتاب والسؤال والجواب والإشراف والاقتراب، والمجئ والذهاب.
وأما خامسا: فلما مر من عدم جواز التأويل بغير نص ودليل.
وأما سادسا: فلأن الله قد أعطى النبي والأئمة (عليهم السلام) من القدرة والفضل ما لم يعطه أحدا، وما لا يمكن وصفه، وما هو أعظم مما ذكر، كما يدل عليه " أصول الكافي " و " بصائر الدرجات " وغيرهما.
وأما سابعا: فلأن أحوال تلك النشأة - أي ما بعد الموت - لا يلزم مساواتهما لأحوال هذه النشأة، بل لا شك في اختلافهما في أكثر الأحكام.
وأما ثامنا: فلأن الله قد أعطى ملك الموت ومنكرا ونكيرا مثل هذه القدرة، فلا ينكر أن يعطي النبي والأئمة مثلها بل ما هو أعظم منها.