الجنس، مبالغة، كما تقول: استولى على الفضل، وحاز جميع الرياسة والنبل، ونحو ذلك، فوصف بالجنس أجمع تمكينا لهذا الموضع، وتأكيدا، وجعل الإفراد والتذكير أمارة للمصدر المذكور، وكذلك القول في خصم ونحوه، مما وصف به من المصادر.
قال ابن سيده: وقد حكى ابن جني: امرأة عدلة، أنثوا المصدر، لما جرى وصفا على المؤنث، وإن لم يكن على صورة اسم الفاعل، ولا هو الفاعل في الحقيقة، وإنما استهواه لذلك جريها وصفا على المؤنث.
قلت: وبهذا سقط قول شيخنا: العدلة، غير معروف، ولا مسموع، واللغة ليس موضوعها ذكر المقيسات، فتأمل، انتهى.
وقال ابن جني أيضا: فإن قيل: فقد قالوا: رجل عدل، وامرأة عدلة، وفرس طوعة القياد، وقول أمية:
والحية الحتفة الرقشاء أخرجها * من بيتها آمنات الله والكلم (1) قيل: هذا قد خرج على صورة الصفة، لأنهم لم يؤثروا أن يبعدوا كل البعد عن أصل الوصف، الذي بابه أن يقع الفرق فيه بين مذكره ومؤنثه، فجرى هذا في حفظ الأصول والتلفت إليها للمباقاة لها، والتنبيه عليها، مجرى إخراج بعض المعتل على أصله، نحو استحوذ، ومجرى إعمال صغته وعدته، وإن كان قد نقل إلى فعلت، لما كان أصله فعلت، وعلى ذلك أنث بعضهم فقال: خصمة، وضيفة، وجمع، فقال: خصوم، وأضياف.
وعدل الحكم، تعديلا: أقامه، وعدل فلانا: زكاه، أي قال: إنه عدل.
وعدل الميزان، والمكيال: سواه، فاعتدل.
والعدلة، محركة، وكهمزة، وهذه عن ابن الأعرابي: المزكون للشهود، وقال شمر: قال القرملي: سألت عن فلان العدالة، كتؤدة، أي الذين يعدلونه، وقال أبو زيد: رجل عدلة، وقوم عدلة، أيضا، أو كهمزة للواحد، وبالتحريك للجمع، عن أبي عمرو.
وعدله، يعدله، عدلا، وعادله، معادلة: وازنه، وكذا: عادل بين الشيئين.
وعدله في المحمل، وعادله: ركب معه.
والعدل: المثل، والنظير، كالعدل، بالكسر، والعديل، كأمير، وقيل: هو المثل، وليس بالنظير عينه، ج: أعدال، وعدلاء.
قال الراغب: العدل، والعدل، متقاربان، لكن العدل يستعمل فيما يدرك بالبصيرة كالأحكام، وعلى ذلك قوله تعالى: (أو عدل ذلك صياما) (2)، والعدل والعديل، فيما يدرك بالحاسة، كالموزونات، المعدودات، والمكيلات.
وفي الصحاح: قال الأخفش: العدل، بالكسر: المثل، والعدل، بالفتح: أصله مصدر قولك: عدلت بهذا عدلا حسنا، تجعله اسما للمثل، لتفرق بينه وبين عدل المتاع، كما قالوا: امرأة رزان، وعجز رزين، للفرق.
وقال الفراء: العدل، بالفتح: ما عادل الشيء من غير جنسه، والعدل، بالكسر: المثل، تقول منه: عندي عدل غلامك، وعدل شاتك، إذا كان غلاما يعدل غلاما، أو شاة تعدل شاة، فإذا أردت قيمته من غير جنسه، نصبت العين، وربما كسرها بعض العرب، وكأنه منهم غلط، لتقارب معنى العدل من العدل، قال: وقد أجمعوا على واحد الأعدال أنه عدل، بالكسر، انتهى.
وفي العباب: وقال الزجاج: العدل، والعدل، واحد، في معنى المثل، قال: والمعنى واحد، كأن المثل من الجنس، أو من غير الجنس، قال: ولم يقولوا إن العرب غلطت، وليس إذا أخطأ مخطئ وجب أن يقول: إن بعض العرب غلط، وقال ابن الأعرابي: عدل الشيء وعدله سواء، أي مثله، انتهى.
وقال بعضهم: العدل تقويمك الشيء بالشيء من غير جنسه، حتى تجعله له مثلا، وأجاز بعضهم أن يقال: عندي