فبالخير لا بالشر فارج مودتي * وإني امرؤ يقتال مني الترهب (1) قال أبو عبيد: سمعت الهيثم بن عدي يقول: سمعت عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز يقول في رقية النملة: العروس تحتفل، وتقتال وتكتحل، وكل شيء تفتعل، غير أن لا تعصي الرجل.
قال: تقتال: تحتكم على زوجها، وأنشد الجوهري لكعب بن سعد الغنوي:
ومنزلة في دار صدق وغبطة * وما اقتال من حكم علي طبيب (2) وأنشد ابن بري للأعشى:
ولمثل الذي جمعت لريب الد * هر تأبى حكومة المقتال (3) واقتال الشيء: اختاره هكذا في النسخ.
وفي الأساس واللسان: واقتال قولا: اجتره إلى نفسه من خير أو شر.
وقال به: أي غلب به، ومنه حديث الدعاء: " سبحان من تعطف بالعز، والرواية: تعطف العز وقال به.
قال الصاغاني: وهذا من المجاز الحكمي، كقولهم: نهاره صائم، والمراد وصف الرجل بالصوم، ووصف الله بالعز، أي غلب به كل عزيز، وملك عليه أمره.
وقال ابن الأثير: تعطف العز: أي اشتمل به فغلب بالعز كل عزيز.
وقيل: معنى قال به: أي أحبه واختصه لنفسه، كما يقال: فلان يقول بفلان: أي بمحبته واختصاصه. وقيل: معناه حكم به، فإن القول يستعمل في معنى الحكم.
وفي الروض للسهيلي في تسبيحه صلى الله تعالى عليه وسلم: " الذي لبس العز وقال به " أي ملك به وقهر، وكذا فسره الهروي في الغريبين.
وقال ابن الأعرابي: العرب تقول: قال القوم بفلان: أي قتلوه، وقلنا به: أي قتلناه، وهو مجاز، وأنشد لزنباع المرادي:
نحن ضربناه على نطابه * قلنا به، قلنا به، قلنا به نحن أرحنا الناس من عذابه * فليأتنا الدهر بما أتى به (4) وقال ابن الأنباري اللغوي: قال يجيء بمعنى تكلم، وضرب، وغلب، ومات، ومال، واستراح، وأقبل، وهكذا نقله أيضا ابن الأثير، وكل ذلك على الاتساع والمجاز، ففي الأساس: قال بيده: أهوى بها، وقال برأسه: أشار، وقال الحائط فسقط: أي مال. ويعبر بها عن التهيؤ للأفعال والاستعداد لها، يقال: قال فأكل، وقال فضرب، وقال فتكلم، ونحوه، كقال بيده: أخذ، وبرجله: مشى أو ضرب، وبرأسه: أشار، وبالماء على يده: صبه، وبثوبه: رفعه، وتقدم قول الشاعر: * وقالت له العينان سمعا وطاعة * أي أومأت، وروى في حديث السهو: " ما يقول ذو اليدين؟ قالوا صدق "، روي أنهم أومئوا برؤوسهم: أي نعم، ولم يتكلموا. وقال بعضهم في تأويل الحديث: " نهى عن قيل وقال " القال: الابتداء، والقيل، بالكسر: الجواب، ونظير ذلك قولهم: أعييتني من شب إلى دب، ومن شب إلى دب.
قال ابن الأثير: وهذا إنما يصح إذا كانت الرواية: قيل وقال، على أنهما فعلان، فيكون النهي عن القول بما لا يصح ولا تعلم حقيقته، وهو كحديثه الآخر: " بئس مطية الرجل زعموا " وأما من حكى ما يصح وتعرف حقيقته وأسنده إلى ثقة صادق فلا وجه للنهي عنه ولا ذم.
والقولية: الغوغاء وقتلة الأنبياء، هكذا تسميه اليهود، ومنه حديث جريج: " فأسرعت القولية إلى صومعته ".