بخطام الجمل وهو يقول شعرا، فقاتل حتى قطعت يده على خطام الجمل ثم قتل، وخرج من بعده رجل من أزد شنوءة يقال له عبيد بن عمير فأخذ بخطام الجمل وهو يقول شعرا، فقاتل حتى قتل، وخرج من بعده رجل من بني مازن يقال له عوف بن مالك فأخذ بخطام الجمل وجعل يقول شعرا، فقاتل حتى قطعت يده على الخطام ثم قتل. فلم تزل القوم كذلك يتقدم رجل بعد رجل حتى قطع على الخطام يومئذ ثماني وتسعون يدا (1)، قال: ونادت عائشة رضي الله عنها بأعلى صوتها: أيها الناس!
عليكم بالصبر فإنما تصبر الأحرار، فناداها رجل من أصحاب علي وهو يقول شعرا.
قال: واشتبكت الحرب بين الفريقين فاقتتلوا قتالا شديدا، وصاح الحجاج بن [عمرو بن] غزية الأنصاري: يا معاشر الأنصار! إنه لم ينزل موت قط في جاهلية ولا إسلام إلا مضيتم عليه، ولست أراكم اليوم كما أريد، وأنا أنشدكم بالله أن تحدثوا ما لم يكن، إن إخوانكم اليوم قد أبلوا وقاتلوا، وإن الموت قد نزل فصبرا صبرا حتى يفتح الله عز وجل عليكم.
قال: ثم تقدم الحجاج [بن عمرو] بن غزية الأنصاري عن القوم فجعل يضرب بسيفه قدما، وهو يقول شعرا، قال: ثم تقدم في أثره خزيمة بن ثابت الأنصاري ذو الشهادتين وهو يقول شعرا، قال: ثم تقدم في أثره شريح بن هانئ الحارثي وهو يقول شعرا، ثم تقدم في أثره هانئ بن عروة وهو يقول شعرا، ثم تقدم في أثره زياد بن كعب الهمداني وهو يقول شعرا، ثم تقدم في أثره سعيد بن قيس الهمداني وهو يقول شعرا، ثم تقدم في أثره مالك بن الحارث الأشتر وهو يقول شعرا، ثم تقدم في أثره عدي بن حاتم الطائي وهو يقول شعرا، ثم تقدم في أثره رفاعة بن شداد البجلي وهو يقول شعرا، ثم تقدم في أثره هانئ بن هانئ بن عبيد المذحجي وهو يقول شعرا، ثم تقدم في أثره عمرو (2) بن الحمق الخزاعي وهو يقول شعرا.
قال: فاقتتل القوم قتالا شديدا لم يسمع بمثله، وصار الهودج الذي فيه عائشة كأنه القنفذ مما فيه من النبل والسهام، قال: وجعلت بنو ضبة يأخذون بعر الجمل فيشمونه ويقول بعضهم لبعض: ألا ترون إلى بعر جمل أمنا كأنه المسك الأذفر.