والأرض تحسدها السماء فكم بدا * من فوقها بدل النجوم نجوم فاجابه الشيخ احمد صندوق عنها بقوله:
وجدي بهاتيك الديار قديم * ولها هوى بين الضلوع مقيم دار الأحبة لا عدتك غمائم * وكست ربوعك نضرة ونعيم أسرت فؤادي في ربوعك غادة * حوراء فاتنة اللحاظ هضيم تعطو بجيد الريم فهي الريم * وتميس غصنا قد ثناه نسيم كيف السلو وما البعاد بمخلق * ودي ولا عهد الوصال قديم أمست تباعدني الرباب وطالما * كانت تحن لرؤيتي وتهيم صدت ولما تشف داء صبابتي * أرأيت كيف يصد عنك الريم فلأسقينك مدمعا حلب الأسى * عبراته ان لم تجدك غيوم شقراء باكرك النسيم إذا سرى * وسقى ربوعك للغمام عميم حصباؤك الدر اليتيم لناظر * وثراك للمستنشقين شميم فيك الهداية والتقى فيك المكارم * والندى فيك الصلاح مقيم تيهي على الدنيا بأروع ماجد * هو للفضائل والكمال زعيم عقدت عليه بنو الزمان أمورها * طفلا ولم تعقد عليه تميم فصل الخطاب ترى بحكم يراعه * ان قام معترك ولج خصوم نجم الهدى طود الحجى ان اظلمت * نوب وطاشت للأنام حلوم حاط الشريعة منه علم زانه * رأي يصرفه أغر حكيم يا ابن البهاليل الغطارفة الالى * طابت ماثرهم وطاب الخيم والواهبين اليسر إما أجدبت * سنة وضن بما لديه كريم طال الفراق فكم قلوب قرحت * سهدا وقلب طاح وهو كليم سقيت ليالي الأربعاء وليتها * كانت تعود بأنسها وتدوم كانت بجيد الدهر طوق لآلئ * بعظيم فضلك عقدها منظوم ما لذ للأحباب بعدك مشرب * ولو أنه السلسال والتسنيم ان فرقت عنك الجسوم فلم تزل * منا النفوس على حماك تحوم لا زال في أفق الفضائل منكم * أقمار هدي للورى ونجوم وقال حين سكن بيروت قريبا من الحرش بعد ان أشار عليه الأطباء قبل وفاته بسنتين بترك دمشق لعدم تحمل جسمه لبردها:
تبدلت في بيروت لا عن تخير * عن الربوة الغناء غاب الصنوبر يطالعني منه مساء وغدوة * إذا ما بعثت الطرف أجمل منظر به الشجرات الباسقات تكللت * بتاج له لون الزبرجد أخضر إذا مسها مر النسيم تمايلت * بقد يحاكي مشية المتبختر نسائمه مهما تهب تحملت * إلينا أريج المسك أو نفح عنبر وعن بردى نهرا إلى الكلب ينتمي * حقيقا بان يسمى بنهر الغضنفر وعن وقع برد في دمشق مساور * يخالطه مهما بدا ريح صرصر بجو حكى فصل الربيع شتاؤه * وأرجاؤه بالثلج لم تتازر أمامي طريق مستمر عبوره * نهارا وليلا في ورود ومصدر فمن ذاهبات جائيات بسيرها * تفوت هبوب الريح أو لمح مبصر زوافر يعلو في الفضاء زفيرها * تكاد تحاكي قلبي المتزفر ومن طائرات في الفضاء تصاعدت * إلى أن علت هام السحاب المسخر ولم أتبدل عن صحاب أكارم * بجلق من شهم ومن سيد سري وما كان في بيروت لي من لبانة * ولا سكن فيها ولا ربح متجر نديماي فيها ان أردت منادما * كتابي على مر الليالي ومحيري على أن فيها عصبة قد تعاقدوا * على الخير والحسنى بسر ومجهر سقى ربنا الرحمن اكناف عامل * بغاد من الغر السحائب ممطر وما أنس مهما أنس طيب هوائها * وعيشا بها قد مر غير مكدر ديار بها نيطت علي تمائمي * وأرض بها قد كان منبت عنصري لمربعها الفياح طال تذكري * وعن روضها النفاح قل تصبري نبت بي وكم من منزل بك قد نبا * وأي صفا في الدهر لم يتكدر وكم طوحت بي مرة غربة النوى * وفارقت أهلي الأقربين ومعشري وقد ذقت من حلو الزمان ومره * وعيش أخي عسر وعيشة موسر فما كنت عند العسر يوما بضارع * وما كان يسري في الزمان بمبطري ولا قادت الأطماع نفسي لذلة * وان عضني دهري بناب ومنسر ثم انتقل إلى محلة الطيونة في الشياح من ضواحي بيروت وكان أطباؤه قد نهوه عن القراءة والكتابة فقال:
أشاحت إلى الشياح بي غربة النوى * فها انا فيها يا أميم غريب وأصبح في الطيونة اليوم منزلي * يعاودني هم بها وخطوب وقد زعموا الطيون للجرح شافيا * فهل لجراح القلب منه طبيب تعاورني فيها اغتراب وعلة * بها ذاب جسمي واعتراه شحوب على أن جسمي ان تعاوره الضنا * فها هو عزمي يا أميم صليب نهاني عن لحظ الكتاب ونظرة * بما يحتويه عائد وطبيب ولكن لي في الكتب أعظم سلوة * فلست إلى ترك الكتاب أجيب وما لي في غير اليراع وجريه * على الطرس يوما مارب ونصيب وقال وقد بلغ الثمانين:
تلك الثمانون لو مرت على حجر * لصدع الحجر القاسي أو انشعبا ليس الشباب الذي ولى بمرتجع * فلن يعود شباب بعد ما ذهبا لكنما همتي بعد المشيب كما * كانت وابعد في شاو العلى طلبا وهكذا الذهب الأبريز يصقله * مر السنين ويبقى دائما ذهبا ما مالت النفس يوما للبطالة أو * قلبي إلى غير نيل المكرمات صبا ما زلت يحلو لدي المر في طلب * العلى به وأعد الراحة التعبا أواصل الليل دوما بالنهار على * كسب الفوائد استقرى لها الكتبا