بين الدفاتر فيها والمحابر والأقلام * استنفد الأعوام والحقبا وثقت بالله في سر وفي علن * ففزت بالنجح واستسهلت ما صعبا هذا وقد بقيت في النفس ما قضيت * لبانة لم تكن مالا ولا نشبا لكنها بعض ما حاولت من خطط * اقضي بها من حقوق العلم ما وجبا وانني واثق بالله يمنحني * قضاءها بدعاء يخرق الحجبا إذا ظفرت بها والله يظفرني * فلا أبالي بموت بعدها كتبا وقال في مرضه الذي توفي فيه حين عاده بعض أصحابه فانهملت عيناه ثم طلب دواة وقلما وكتب هذه الأبيات بيد مرتعشة:
بكيت وما بكيت لفقد دنيا * أفارقها ولا خل أليف ولكني بكيت على كتاب * تصنفه يداي إلى صنوف سيمضي بعد فقداني ضياعا * كما يمضي شتاء بالخريف أسفت له وكان لذاك حزني * ولست لغير ذلك بالأسيف أخاف بان تفاجئني المنايا * ولم يكمل بتهذيب منيف ولي أمل بفضل الله رب * الخلائق واسع الكرم اللطيف بان يعطي الرغائب فهو لما * يزل لمجاي في الأمر المخوف وقال وهو في جبل عامل يحن إلى دمشق ومتنزهاتها:
احبابنا بدمشق لا أغبكم * فيض السحائب هطالا وهتانا ان ينا ربعكم عن ربعنا فلكم * في القلب ربع غدوتم فيه سكانا ذاكركم في محاني القلب ثابتة * فهل نسيتم لبعد العهد ذكرانا سقى ليالينا بالنيربين حيا * ودمر وسقى الصفصاف والبانا حيث النسيم سرى غضا فرنح من * رياضها كقدود الغيد أغصانا وبينها بردى تجري المياه به * عن الشمائل والايمان غدرانا أ تذكرون إلى الخضراء رحلتنا * يوما وللفيجة الغناء ممشانا والصالحية جاد الغيث اربعها * سحا وحيا بتلك الأرض مثوانا لله في قبة السيار مرتبع * مراحنا لم يزل فيه ومغدانا انا لنشتاق لقياكم أ انكم * بعد التفرق تشتاقون لقيانا لكنما العجز والأقدار تقعدنا * عنكم وعقد من السبعين وافانا لا تحسبونا من القوم الألى اتخذوا * بالدار دارا وبالجيران جيرانا وقال في وصف وادي الحجير وذكر جبل عامل وعلمائه:
وادي الحجير سقاك وكاف الحيا * كم فيك للأبصار من مستمتع مذ أظهرت فيك الطبيعة رونقا * يبدو فيفضح شيمة المتطبع جمعت من الأشجار فيك بواسق * أمثالها بسواك لم تتجمع والطير تشدو في ذرى أغصانه * باللحن بين مردد ومرجع الروض زاه أيها الأطيار والا * غصان مائسة فغنى واسجعي الماء صاف فاشربي والريح طلق * فانشقي والنبت غض فارتعي ان رنق الوراد ماء فاشربي * ما شئت صافية زلالا واكرعي من مر في واديك أصبح منشدا * بيتا تقدم للأديب المبدع انا تقاسمنا الغضا فغصونه * في راحيتك وناره في اضلعي واد حكت أزهاره ورياضه * وجها من الحسناء غير مقنع من نرجس غض كان عيونه * يرقبن هجمة ناظر متطلع والأقحوان إذا تبسم ضاحكا * لا يستبين من الثغور اللمع وإذا النسيم سرى على نفل به * فبغير نشر المسك لم يتضوع كم قد مررت بذلك الوادي فلم * أملك صباباتي وأصحابي معي ما غوطة ما شعب بوان وما * صغد ونهر بالأبلة قد دعي ان لم تكن ابهى والطف منظرا * منها فإنك لست دون الأربع ولكم أقام جحاجح من عامل * بك يسمرون على رحيب المهيع من كل بحر في العلوم غطمطم * أو كل قرم في الحروب سميدع سباق غايات بمضمار العلى * طلاع كل ثنية لم تطلع لم يخضعوا الا لخالقهم ولم * يك ذو علاء لعلاهم لم يخضع العامليون الألى سبقوا الورى * في فضلهم وبسبقهم لم يطمع الواردون من العلوم نميرها * ان زيد رائد حوضها عن مشرع جلسوا بدست العلم ينتابونه * يوم الإفادة جلسة المتربع شرعوا لدين الله نهجا واضحا * بادي المحجة قبلهم لم يشرع في كل عصر لم تزل ذكراهم * تحيا ويعبق نشرها في الأربع سل مشغرى عنهم وسل جبعا وسل * ميسا وعيناثا تجبك بما تعي سل عنهم ظلم الدياجي كم بها * من قانت متوسل متضوع لبس الخشوع وقد تأزر بالتقى * يمسي ويصبح خاشعا في خشع أو قائم في ليلة متهجد * أو صائم بنهاره متطوع يزهو به محرابه من ساجد * في ساجدين وراكع في ركع أو شاعر أمست بنظوماته * تحدا الركاب بكل قفر بلقع تغدو بأرض الشام ثم تبيت في * نجد ويصبح ذكرها في لعلع أو كاتب ترفض من أقلامه * درر بكل منمق ومسجع صبروا على جور الزمان وظلمه * صبر الكرام على العظيم المفظع وحموا حقيقتهم على جهد البلا * والصبر للأحرار خير المفزع ومشوا بنهج الحق لم يتاخروا * عن نهجه الملحوب قيد الإصبع هجروا لادراك العلى أوطانهم * فرقوا بذاك إلي المحل الأرفع في الهند أو ارض العراق وفارس * في اي قطر نجمهم لم يطلع طبعت على كسب العلاء طباعهم * وعلى سوى كسب العلا لم تطبع نالوا العلوم بجدهم وبكدهم * بين البلاء وبين فقر مدقع ورقوا بهمتهم على درج العلا * تحت الصوارم والرماح الشرع وقال وقد بلغ الثالثة بعد السبعين:
لئن أوهنت جسمي الليالي وأبدلت * سواد شباب لي بأبيض ناصع فما أوهنت عزمي وما زال ماضيا * كحد حسام مرهف الحد قاطع وان شاب فودي لم تشب لي همة * تمد إلى هام السهى بالأصابع وكم قائل حتى متى أنت مجهد * لنفسك لا تاوي للين المضاجع تبيت مدى الأيام ليلك ساهرا * ويومك يمضي بالعنا المتتابع فقلت وهل من راحة في سوى العنا * وهل دعة الا بخوض المعامع وما وادع يومه غير متعب * سوى متعب في أمسه غير وادع قنعت من الدنيا ببلغة عيشة * وليس الفتى في الدهر الا لقانع وما الحر الا من أبى ان تقوده * مطامعه فيها لرق المطامع وقال من السوانح العاملية:
شجاك بذات الرمل رسم مغاني * عليهن اخنى طارق الحدثان فأصبحت العينان من فرط ما عرا * دموعا كمنهل الحيا تكفان ديار لسلمى والرباب وزينب * غدت دراسات الرسم منذ زمان وأفنت صروف الدهر بهجة آنسها * الا كل شئ غير ربك فاني بها كان تهيامي وفي حبها جفت * جفوني الكرى مما غدوت أعاني