فهل راجع فيها زماني الذي مضى * وهيهات فيها ان يعود زماني غداة بها سلمى تميس يزينها * من الوشي بردا يمنة عطران وترخي كصبغ الليل اسود فاحما * وتجلو كلون الورد احمر قان لها طرف ظبي طيه حد صارم * وطلعة بدر فوق قامة بان وريق كماء المزن أشنب بارد * وثغر يريك البرق في اللمعان يخال عقيقا ما تضم لثاتها * ومن برد ما ضمت الشفتان وان خفق القرطان لم يك سالما * فؤاد أخي حب من الخفقان فيا دمنتي سلمى أجيبا مسائلا * رسومكما ان كنتما تعيان ويا جبلي نعمان هل في ذراكما * تعود ليالينا أيا جبلان نأى وسلاني من أحب وكيف لا * أنائي وأسلو من يكون سلاني خليلي أيام الحياة قصيرة * تعاقب في افنائها الملوان خليلي ان الدهر شتى صروفه * فهل أنتما من صرفه حذران إذا أنتما لم تسعداني على الذي * أروم وأبغي فامضيا وذراني ولا تعذلاني واتركا العذل انني * رأيت لنفسي غير ما ترياني وقال وهو في جبل عامل:
حيا الحيا الهامي معاهد جلق * وسقى ربوع النيربين بمغدق وهمت بأرض الغوطتين سحائب * تروي الرياض بمائها المتدفق هل قاسيون كعهدنا أم هل جرى * بردى بماء بالرحيق مصفق والربوة الغناء طاب لناشق * منها النسيم وماؤها للمستقي كم من عشيات قضيناها بها * قد كن صفوة كل عيش مونق فالماء والخضراء فيها زينا * للناظرين بكل وجه مشرق يا نازلين بجلق أ علمتم * ما ذاق بعدكم المحب وما لقي فإلى مرابعكم تشوف ناظري * واليكم ولهي وفرط تشوقي وقال وهو في جبل عامل:
لله أيامي بجلق والصبا * غض وعودي للنوى ما لأنا كم في رياض النيربين ودمر * مرأى يروق فيطرد الأحزانا حيث الخمائل ناضرات بينها * بردى تسيل مياهه غدرانا فيها اللجين جرى ومن حصبانها * أمست تريك الدر والمرجانا أفنانها تفني الهموم إذا شدا * فيها الهزار فبوركت افنانا ارض يريك الخلد شاذروانها * أرأيت مثل الخلد شاذروانا وتشك فيها أنت في متنزه * أم أنت كسرى تسكن الايوانا هل درب كيوان الأنيق كعهدنا * يسموا بما فيه على كيوانا والهامة الغناء كم فيها ربى * لبست على هاماتها التيجانا ويهيج اشجاني تذكر عهدها * ان التذكر يبعث الأشجانا كم قد قضيت بربعها من ليلة * كانت لعين زماننا انسانا في معشر لبسوا دوين برودهم * برد الكمال وأرسلوا الأردانا وقال:
هجرت جبال عاملة وآلت * بي الأخرى إلى سكنى دمشق وما أوطنتها لرغيد عيش * بها قد نلته ووسيع رزق ولكن طاب لي فيها انزوائي * عن الدنيا ومن فيها وعتقي وقال مشطرا بيتي المعري:
دع الأيام تفعل ما تريد * فليس على عجائبها مزيد كفاني ما علمت فلا تزدني * فما انا في العجائب مستزيد أ ليس قريشكم قتلت حسينا * وكلكم بحضرته شهود وقد كان الوليد لكم إماما * وكان على خلافتكم يزيد وقال:
عليل في دمشق تعاورته * ضروب الهم من قاص ودان عن الأوطان ناء أفردته * عن الاخوان احداث الزمان وقال:
هجرت مياه البركتين ولم أكن * لمائهما في الدهر الا مجافيا وما شجرات الرند يوما تشوقني * وابصر مغناها من العز خاليا ولا حومة الزيتون أصبو لذكرها * إذا زيتها لم يجل عني الدياجيا سأهجر دحنونا بها وزكوكعا * وإن كان غضا يانع النبت زاهيا فما ينفع الروض النضير ولا ترى * له من ذويه راعيا ومراعيا وكان رحمه الله ذا نفس مرحة يتذوق النكتة ويجيدها، ومن أماليحه هذه الأبيات التي قدم لها بقوله: كان بعض الأصدقاء بدمشق دعانا إلى وليمة على جدي كان يظنه سمينا فجاء هزيلا فقلت:
لله جدي به جاد الزمان لنا * على يدي معدن الإفضال والجود تكاد ان لا تراه العين من صغر * كأنه حين يبدو غير موجود إذا بدا يقظة للطرف تحسبه * طيف الخيال وخلفا في المواعيد لا لحم فيه ولا شحم وليس به * غير العظام الدقيقات الأماليد من فوقها الجلد قد رقت جوانبه * كأنه قلب مضنى القلب معمود وقال في طبيب اسمه عزرا:
وطبيب في الناس سمي عزرا * وهو عند التحقيق عزرائيل حاز جزء اسمه ولكن له الفعل * جميعا وفي القبور دليل وقال:
وعالم حيطته للدنا * وليس للأخرى بمحتاط يخلط في أقواله دائما * فلا تراه غير خلاط وقال:
زمان فيه عنفصت الجحوش * وامسى كل ذي جهل يطيش تشبهت البراذن بالمذاكي * وطاب لها لدى المرعى الحشيش وغابت عن عرائنها اسود * فصالت في جوانبها الوحوش وظن الثور روقيه رماحا * فها هو فيهما ابدا يطوش وخالت نفسها الورقاء صقرا * كلانا طائرا وعليه ريش فقبح من زمان حيث صرنا * وهذي حالنا فيه نعيش وقال في نفس الغرض:
زمان فيه عنفصت الجحاش * وغر الجهل أقواما فطاشوا وسابقت البراذين المذاكي * سامي الصقر في الجو الفراش وغابت عن عرائنها اسود * فأمسي للكلاب بها هراش إذا ما ماتت الأحرار غيظا * فلا عجب ويعجب كيف عاشوا زمان فيه للأندال بسط * كما شاؤوا وللحر انكماش وقال:
رضيت من الدنيا جميعا بوحدتي * وكم وحدة جرت على المرء أنعما نديمي كتاب صامت متكلم * وما ان رأينا صامتا متكلما