إن المقريزي معلم من معالم الكتابة التاريخية الإسلامية، له آراؤه الصائبة، ورؤيته الواضحة، ومنهجه البين، وشخصيته المتميزة، وتراثه، كان، وسيظل مثابة تهوي إليها عقول الدارسين، والباحثين، ورواد المعرفة، مع أن الذي طبع منه ونشر قليل وضئيل، إذا قيس بما لم يطبع ولم ينشر. ولذا، فإن من حق المقريزي علينا - نحن الذين درسناه، وعرفناه، واستفدنا من علمه - أن نعني بتراثه، نشرا، وإخراجا، حتى يكون متاحا، وميسرا للعلماء وطلاب العلم، حيثما كانوا من أرض الله. وقبل أن ارفع القلم عن هذه المقدمة القصيرة، أتمهل لأنوه بالمجهود المشكور الذي قام به الأخ المحقق:
الأستاذ الشيخ / محمد عبد الحميد النميسي، لقد عكف على هذا الكتاب الكبير، المترامي الأطراف، في السيرة، والخصائص، والشمائل، دارسا لفصوله، محققا لأصوله، شارحا لغريبه، مناقشا لآرائه مخرجا لنقوله، وقد أحسن فيما قصد إليه، فجزاه الله عن العلم وأهله خير الجزاء.
وإنني إذ أنهي هذه المقدمة، أرجو أن أكون قد وفقت، فيما إليه قصدت والحمد لله الذي بحمده تتم الصالحات ويا رب العالمين، إياك نعبد وإياك نستعين، اهدنا الصراط المستقيم، صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين آمين.
دكتور محمد جميل غازي رئيس المركز الإسلامي العام لدعاة التوحيد والسنة بمصر وكبير الباحثين بالمجلس الأعلى للثقافة (سابقا)