إلى المدينة فبادروا إلى ذلك وتجهزوا إلى المدينة في خفاء (1) وستر وتسللوا، (فيقال: إنه كان بين أولهم وآخرهم أكثر من سنة) وجعلوا يترافدون (2) بالمال والظهر ويترافقون. وكان من هاجر من قريش وحلفائهم (يستودع دوره وماله) (3) رجلا من قومه، فمنهم من حفظ من أودعه، ومنهم من باع، فممن حفظ وديعته (4) هشام بن الحارث بن حبيب، فمدحه حسان.
أول من هاجر بعد العقبة الأخيرة وخرج أول الناس أبو سلمة عبد الله بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم (5)، ومعه امرأته أم سلمة (6) هند بنت أبي أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، فاحتبست دونه ومنعت من اللحاق به، ثم هاجرت بعد سنة، وقيل: بل هاجر أبو سلمة رضي الله عنه قبل العقبة الأخيرة. وقيل: أول من هاجر مصعب بن عمير (7) ثم هاجر عمار بن ياسر، وسعد بن أبي وقاص، وابن مسعود، وبلال، ثم هاجر عمر بن الخطاب في عشرين راكبا، ثم تلاحق المسلمون بالمدينة يخرجون من مكة أرسالا (8) حتى لم يبق بمكة إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر الصديق وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما - أقاما بأمره لهما - وإلا من اعتقله المشركون كرها.
ائتمار قريش به صلى الله عليه وسلم وخروجه واستخلافه عليا فحذرت قريش خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم واشتوروا بدار الندوة، وكانوا خمسة عشر رجلا، وقيل: كانوا مائة رجل، أيحسبوه في الحديد ويغلقوا عليه بابا؟ أو يخرجوه من مكة؟ أو يقتلوه؟ ثم اتفقوا على قتله. ويسمى اليوم الذي اجتمعوا