خبر المدافعين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما لحمه القتال (1) وخلص إليه، ذب عنه مصعب ابن عمير، وأبو دجانة حتى كثرت به الجراحة، فجعل صلى الله عليه وسلم يقول: من رجل يشري (2) نفسه؟ فوثب فتية من الأنصار خمسة، منهم عمارة بن زيادة بن السكن فقاتل حتى أثبت وفاءت (3) فئة من المسلمين فقاتلوا حتى أجهضوا أعداء الله. فقال صلى الله عليه وسلم لعمارة بن زياد: أدن مني، إلي إلي! حتى وسده رسول الله صلى الله عليه وسلم قدمه - وبه أربعة عشر جرحا - حتى مات. وجعل صلى الله عليه وسلم يومئذ يذمر (4) الناس ويحضهم على القتال. وكان رجال من المشركين قد أذلقوا (5) المسلمين بالرمي، منهم حبان بن العرقة وأبو أسامة الجشمي، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يقول لسعد بن أبي وقاص: إرم فداك أبي وأمي.
خبر حبان بن العرقة وأم أيمن ورمى حبان بن العرقة بسهم فأصاب ذيل أم أيمن - وقد جاءت تسقي الجرحى - فانكشف عنها فاستغرب (6) في الضحك، فشق ذلك على النبي صلى الله عليه وسلم، فدفع إلى سعد بن أبي وقاص سهما لا نصل له فقال: إرم، فوقع السهم في نحر حبان فوقع مستلقيا وبدت عورته، فضحك صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه، ثم قال:
استقاد (7) لها سعد! أجاب الله دعوتك وسدد رميتك.
وكان مالك بن زهير (8) - أخو أبي سلمة (9) الجشمي - هو وحبان بن العرقة قد أكثرا (10) في المسلمين القتل بالنبل، فرمى سعد بن أبي وقاص مالكا أصاب السهم عينه حتى خرج من قفاه فقتله، ورمى رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ عن قوسه حتى صارت شظايا فأخذها قتادة بن النعمان فلم تزل عنده.