يديه ومن ورائه وعن يمينه وعن شماله: يدور حوله يترس بنفسه حول رسول الله، وإن السيوف لتغشاه، والنبل من كل ناحية، وإن هو إلا جنة بنفسه لرسول الله حتى انكشفوا، فجعل صلى الله عليه وسلم يقول لطلحة: قد أوجب (1). وكان طلحة أعظم الناس غناء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ.
ورمى مالك بن زهير الجشمي بسهم يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاتقى طلحة بيده عن وجهه المقدس فأصاب خنصره فشل خنصره. وقال حين رماه: حس (2)!
فقال صلى الله عليه وسلم: لو قال بسم الله لدخل الجنة والناس ينظرون! من أحب أن ينظر إلى رجل يمشي في الدنيا وهو من أهل الجنة فلينظر إلى طلحة بن عبيد الله، طلحة ممن قضى نحبه.
ولما جال المسلمون تلك الجولة ثم تراجعوا، أقبل رجل من بني عامر بن لؤي - يقال له: شيبة بن مالك المضرب - يصيح: دلوني على محمد! فضرب طلحة عرقوب فرسه فاكتسعت (3) به، ثم طعن حدقته وقتله. وأصيب يومئذ طلحة في رأسه: ضربه رجل من المشركين ضربة وهو مقبل وأخرى وهو معرض عنه، فنزف الدم حتى غشي عليه، فنضح أبو بكر رضي الله عنه الماء في وجهه حتى أفاق، فقال: ما فعل رسول الله؟ قال: خيرا، هو أرسلني إليك. قال: الحمد لله كل مصيبة بعده جلل (4).
قتال علي والحباب بن المنذر وكان علي بن أبي طالب يذب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من ناحية، وأبو دجانة مالك بن خرشة بن لوذان بن عبد ود بن ثعلبة الأنصاري يذب من ناحية، وسعد ابن أبي وقاص يذب طائفة. وانفرد علي بفرقة فيها عكرمة بن أبي جهل، فدخل وسطهم بالسيف - فضرب به وقد اشتملوا عليه - حتى أفضى إلى آخرهم، ثم