آخرين في رؤوسهم مفاحص (1) فافتعلوها بالسيوف. لا تقتلن امرأة ولا صغيرا ضرعا (2) ولا كبيرا فانيا، ولا تغرقن نخلا، ولا تقلعن شجرا، ولا تهدموا بيتا.
من خبر عبد الله بن رواحة وقال عبد الله بن رواحة: يا رسول الله! مرني بشئ أحفظه عنك. قال:
إنك قادم غدا بلدا، السجود فيه قليل فأكثر السجود. قال: زدني يا رسول الله.
قال: أذكر الله، فإنه عون لك على ما تطلب (3). فقام من عنده، حتى إذا مضى ذاهبا رجع. فقال: يا رسول الله، إن الله وتر يحب الوتر! فقال: يا ابن رواحة، ما عجزت فلا تعجزن إن أسأت عشرا أن تحسن واحدة. فقال: لا أسألك عن شئ بعدها.
بلوغ المسلمين إلى مصرع الحارث بن عمير ومضى المسلمون، وقد أمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينتهوا إلى مقتل الحارث ابن عمير، وسمع العدو بمسيرهم، فجمعوا لهم. فقام فيهم رجل من الأزد يقال له: شرحبيل (بن عمرو الغساني) (4)، وقدم (5) الطلائع أمامه، وبعث أخاه سدوس بن عمرو في خمسين فلقوا المسلمين في وادي القرى فقاتلوه وقتلوه. ونزلوا معان (من أرض الشأم) (6)، فبلغهم أن هرقل قد نزل مآب من البلقاء، في مائة ألف من الروم ومعه بهراء ووائل وبكر ولخم وجذام مائة ألف، عليهم رجل من بلي، يقال له: مالك.
أول القتال يوم مؤتة، وخوف المسلمين ثم إقدامهم فأقاموا ليلتين، وأرادوا أن يكتبوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخبر ليردهم أو يزيدهم رجالا، فشجعهم عبد الله بن رواحة وقال: والله ما كنا نقاتل الناس بكثرة عدد، ولا بكثرة سلاح، ولا بكثرة خيول، إلا بهذا الدين الذي أكرمنا الله به! انطلقوا،