إن المشركين لما انصرفوا بحمراء الأسد في أول الليل ساعة، ثم حلوا وتركوا أبا عزة نائما مكانه حتى ارتفع النهار، ولحقه المسلمون وهو مستنبه يتلدد، وكان الذي أخذه عاصم بن ثابت، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم فضرب عنقه.
صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم على شهداء أحد ولما انصرف المشركون أقبل المسلمون على أمواتهم، فكان حمزة رضي الله عنه فيمن أتي به أولا، فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: رأيت الملائكة تغسله، لأن حمزة كان جنبا ذلك اليوم. ولم يغسل صلى الله عليه وسلم الشهداء، وقال: لفوهم بدمائهم وجراحهم، فإنه ليس أحد يجرح في سبيل الله إلا جاء يوم القيامة جرحه لونه لون الدم وريحه ريح مسك، ثم قال: ضعوهم، أنا الشهيد على هؤلاء يوم القيامة.
فكان حمزة أول من كبر عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم جمع إليه الشهداء، فكان كلما أتي بشهيد وضع إلى جنب حمزة فصلى عليه وعلى الشهداء، حتى صلى عليه سبعين مرة، ويقال: كان يؤتى بتسعة وحمزة عاشرهم فيصلي عليهم ثم ترفع التسعة وحمزة مكانه، ويؤتى بتسعة آخرين فيوضعون إلى جنب حمزة فيصلي عليهم حتى فعل ذلك سبع مرات. ويقال: كبر عليهم تسعا وسبعا وخمسا. وقيل: لم يصل عليهم.
أخرجه أبو داود (1) من حديث جابر وأنس وابن عباس رضي الله عنهم: وهو مذهب مالك، والليث بن سعد والشافعي، وأحمد، وداود (2): ألا يصلى على المقتول في المعركة. وقال فقهاء الكوفة والبصرة والشام: يصلى عليهم.