باللات والعزى، لقد سرت إليك في جمعنا وإنا نريد ألا نعود (1) أبدا حتى نستأصلكم (2)، فرأيتك قد كرهت لقاءنا، وجعلت مضايق وخنادق، فليت شعري من علمك هذا؟ فإن نرجع عنك فلكم منا يوم كيوم أحد " وبعث به مع أبي أسامة الجشمي، فقرأه أبي بن كعب على رسول الله صلى الله عليه وسلم في قبته، وكتب إليه: " من محمد رسول الله إلى أبي سفيان بن حرب. أما بعد، فقديما غرك بالله الغرور. أما ما ذكرت - أنك سرت إلينا في جمعكم، وأنك لا تريد أن تعود حتى تستأصلنا - فذلك أمر يحول الله بينك وبينه، ويجعل لنا العاقبة حتى لا تذكر اللات والعزى. وأما قولك: من علمك الذي صنعنا من الخندق؟ فإن الله ألهمني لما أراد من غيظك وغيظ أصحابك، وليأتين عليك يوم تدافعني بالراح، وليأتين عليك يوم أكسر فيه اللات والعزى وإساف ونائلة وهبل، حتى أذكرك ذلك.
ويقال: كان في كتاب أبي سفيان: " ولقد علمت أني لقيت أصحابك ناجيا (3) وأنا في عير لقريش فما خص أصحابك منا شعره، ورضوا منا بمدافعتنا بالراح، ثم أقبلت في عير قريش حتى لقيت قومي - فلم تلقنا - فأوقعت بقومي ولم أشهدها من وقعة، ثم غزوتكم في عقر داركم، فقتلت وحرقت (يعني غزوة السويق). ثم غزوتك في جمعنا يوم أحد، فكانت وقعتنا فيكم مثل وقعتكم بنا ببدر. ثم سرنا إليكم في جمعنا ومن تألب إلينا يوم الخندق، فلزمتم الصياصي وخندقتم الخنادق ".
ما نزل من القرآن في شأن الخندق وأنزل الله تعالى - في شأن الخندق يذكر نعمته وكفايته عدوهم، بعد سوء الظن منهم، ومقالة من تكلم بالنفاق - قوله عز وجل: (يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها وكان الله بما تعملون بصيرا) (4).