سبعين رجلا يسلمونهم (1) إليه ليضرب أعناقهم، حتى يرد بني النضير إلى ديارهم، ويكونون معه حتى يردوا قريشا عنه، وأشار عليهم ألا يجيبوا قريظة إلى إعطاء الرهن، وسألهم كتمان أمره ثم جاء إلى غطفان وأعلمهم عن بني قريظة بما أعلم به قريشا عنهم، وحذرهم أن يدفعوا إليهم رهنا، فأرسلت يهود عزال (2) ابن سموأل إلى قريش بأن الثواء قال طال ولم يصنعوا شيئا، والرأي أن يتواعدوا على يوم تزحف فيه قريش وغطفان وهم، ولكنهم لا يخرجون لذلك معهم حتى يرسلوا إليهم برهائن من أشرافهم، فإنهم يخافون: إن أصابكم ما تكرهون رجعتم وتركتمونا. فلم يرجعوا إليهم بجواب. وجاء نعيم إلى بني قريظة وقال لهم: إني عند أبي سفيان وقد جاءه رسولكم يطلب منه الرهان فلم يرد عليه شيئا، فلما ولى رسولكم قال: لو طلبوا مني عناقا (3) ما رهنتها! فلا تقاتلوا معه حتى تأخذوا الرهن، فإنكم إن لم تقاتلوا محمدا - وانصرف أبو سفيان - تكونوا على موادعتكم الأولى.
فلما كانت ليلة السبت بعث أبو سفيان بعكرمة بن أبي جهل إلى بني قريظة أن يخرجوا غدا ليناجزوا محمدا جميعا، فقالوا: إن غدا السبت، لا نقاتل فيه ولا نعمل عملا، وإنا مع ذلك لا نقاتل معكم حتى تعطونا رهانا من رجالكم لئلا تبرحوا، فإنا نخشى إن أصابتكم الحرب أن تشمروا إلى بلادكم وتدعونا إلى محمد، ولا طاقة لنا به. فتحققت قريش صدق ما قال لهم نعيم: وأرسلت غطفان إلى بني قريظة بمسعود بن رخيلة في رجال بمثل ما راسلهم أبو سفيان، فأجابوهم بمثل (4) ما أجابوا به عكرمة، فتحققت غطفان وبنو قريظة ما قاله نعيم، ويئس كل منهم من الآخر واختلف أمرهم.
اختلاف الأحزاب وأخذ أبو سفيان ومن معه يلومون حيي بن أخطب، فأتى بني قريظة فلم يجد منهم موافقة له، وأبوا أن يقاتلوا مع قريش حتى يأخذوا سبعين رجلا من قريش