كتاب الصلح فلما حضرت الدواة والصحيفة - بعد طول الكلام والمراجعة - دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم أوس بن خولي يكتب، فقال سهيل: لا يكتب إلا ابن عمك علي، أو عثمان بن عفان، فأمر عليا فكتب، فقال: اكتب بسم الله الرحمن الرحيم. فقال سهيل: لا أعرف الرحمن، اكتب ما نكتب، باسمك اللهم. فضاق المسلمون من ذلك، وقالوا: هو الرحمن، والله ما نكتب إلا الرحمن. قال سهيل: إذا لا أقاضيه على شئ. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اكتب، باسمك اللهم. هذا ما اصطلح عليه محمد رسول الله. فقال سهيل: لو أعلم أنك رسول الله ما خالفتك واتبعتك، أفترغب عن اسمك واسم أبيك، محمد بن عبد الله؟ فضج المسلمون منها ضجة هي أشد من الأولى حتى ارتفعت الأصوات، وقام رجال يقولون: لا نكتب إلا محمد رسول الله! وأخذ أسيد بن حضير وسعد بن عبادة رضي الله عنهما بيد الكاتب فأمسكاها وقالا: لا تكتب إلا محمد رسول الله، وإلا فالسيف بيننا، علام نعطى هذه الدنية في ديننا؟ فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يخفضهم ويومئ إليهم بيده: اسكتوا.
وجعل حويطب يتعجب مما يصنعون، ويقول لمكرز: ما رأيت قوما أحوط لدينهم من هؤلاء! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا محمد بن عبد الله، فاكتب. فكتب.
نص كتاب الصلح " باسمك اللهم، هذا ما اصطلح عليه محمد بن عبد الله وسهيل بن عمرو، اصطلحا على وضع الحرب عشر سنين، يأمن فيها الناس ويكف بعضهم عن بعض، على أنه لا إسلال ولا إغلال (1) وأن بيننا عيبة مكفوفة. وأنه من أحب أن يدخل في عهد محمد وعقده فعل، وأنه من أحب أن يدخل في عهد قريش وعقدها فعل، وأنه من أتى محمدا منهم بغير إذن وليه رده محمد إليه. وأنه من أتى قريشا من أصحاب محمد لم يردوه، وأن محمدا يرجع عنا عامه هذا بأصحابه، ويدخل علينا من قابل في أصحابه فيقيم بها ثلاثا، لا يدخل علينا بسلاح إلا سلاح المسافر: السيوف في القرب ".