تعالى فيها بين الحق والباطل، وأعز الإسلام ودمغ الكفر وأهله.
ما فيها من دلائل النبوة وجمعت الآيات الكثيرة والبراهين الشهيرة: بتحقيق الله ما وعدهم من إحدى الطائفتين، وما أخبرهم به من ميلهم إلى العير دون الجيش، ومجئ المطر عند الالتقاء، وكان للمسلمين نعمة وقوة، وعلى الكفار بلاء ونقمة، وإمداد الله المؤمنين بجند من السماء حتى سمعوا أصواتهم حين قالوا: أقدم حيزوم، ورأوا الرؤوس ساقطة من الكواهل من غير قطع ولا ضرب، وأثر السياط في أبي جهل وغيره، ورمى الرسول صلى الله عليه وسلم المشركين بالحصى والتراب حتى عمت رميته الجمع، وتقليل الله المشركين في عيون المسلمين ليزيل عنهم الخوف ويشجعهم على القتال، وإشارة المصطفى صلى الله عليه وسلم إلى مصارع المشركين بقوله: هذا مصرع فلان، وهذا مصرع فلان، فرأى المسلمون ذلك على ما أشار إليه وذكره، وقوله عليه الصلاة والسلام لعقبة بن أبي معيط: إن وجدتك خارج جبال مكة قتلتك صبرا (1) فحقق الله ذلك، وإخباره عمه العباس بما استودع أم الفضل من الذهب، فزالت عن العباس رضي الله عنه الشبهة في صدقه وحقيقة نبوته، فازداد بصيرة ويقينا في أمره صلى الله عليه وسلم، وتحقيق الله للمؤمنين (من الأسرى) (2) وعده إذ يقول: (إن يعلم الله في قلوبكم خيرا يؤتكم خيرا مما أخذ منكم) (3)، فأعطى العباس بدل عشرين أوقية - عشرين غلاما تجروا بماله، وإطلاع الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم على ائتمار عمير ابن وهب وصفوان بن أمية بمكة على قتله عليه السلام فعصمه الله من ذلك، وجعله سببا لإسلام عمير بن وهب وعوده إلى مكة داعيا للإسلام... إلى غير هذا من الآيات والمعجزات التي أعطاها الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم، وأراها من معه من المؤمنين فزادتهم بصيرة ويقينا، ورد عين قتادة بعد ما سالت على حدقته، وقيل: كان ذلك في وقعة أحد. فكانت غزوة بدر أكرم المشاهد.
أول الخروج إلى بدر وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما تحين انصراف العير التي خرج من أجلها إلى