بالنبل والحجارة حتى انكشفوا عنه، وعدا إلى قومه بني عبد الأشهل فأخبرهم ما لقي، وباتت وجوه الأوس والخزرج ليلة الجمعة لست مضين من شوال عليهم السلاح في المسجد بباب النبي صلى الله عليه وسلم خوفا من بيات (1) المشركين، وحرست المدينة حتى أصبحوا.
رؤيا رسول الله وخطبته ورأى صلى الله عليه وسلم رؤيا، فلما أصبح يوم الجمعة واجتمع الناس خطب على المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس، إني رأيت في منامي رؤيا، رأيت كأني في درع حصينة، ورأيت كأن سيفي ذا الفقار انقصم (2) من عند ظبته (3)، ورأيت بقرا تذبح، ورأيت كأني مردف كبشا. فقال الناس: يا رسول الله، فما أولتها؟ قال:
أما الدرع الحصينة فالمدينة، فامكثوا فيها، وأما انقصام سيفي من عند ظبته فمصيبة في نفسي، وأما البقر المذبح فقتلى في أصحابي، وأما أني مردف كبشا فكبش الكتبية نقتله إن شاء الله. وفي رواية: وأما انقصام سيفي فقتل رجل من أهل بيتي. وقال:
أشيروا علي.
اختلاف المسلمين في الخروج إلى العدو ورأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا يخرج من المدينة فوافقه عبد الله بن أبي والأكابر من الصحابة مهاجرهم وأنصارهم، وقال عليه السلام: امكثوا في المدينة واجعلوا النساء والذراري في الآطام، فإن دخل علينا قاتلناهم في الأزقة - فنحن أعلم بها منهم - ورموا من فوق الصياصي والآطام (4). وكانوا قد شبكوا المدينة بالبنيان من كل ناحية فهي كالحصن، فقال فتيان أحداث لم يشهدوا بدرا وطلبوا الشهادة وأحبوا لقاء العدو: أخرج بنا إلى عدونا، وقال حمزة وسعد بن عبادة، والنعمان بن مالك ابن ثعلبة، في طائفة من الأنصار: إنا نخشى يا رسول الله أن يظن عدونا أنا كرهنا الخروج إليهم جبنا عن لقائهم، فيكون هذا جرأة منهم علينا، وقد كنت يوم بدر