سنتين.
خبر أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين بالنحر والحلق والإحلال فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من الكتاب، وانطلق سهيل وأصحابه، قال: قوموا فانحروا واحلقوا وحلوا. فلم يجبه أحد إلى ذلك. فرددها ثلاث مرات، فلم يفعلوا.
فدخل على أم سلمة رضي الله عنها وهو شديد الغضب، فاضطجع، فقالت: مالك يا رسول الله؟ مرارا، وهو لا يجيبها، ثم قال: عجبا يا أم سلمة، إني قلت للناس انحروا واحلقوا وحلوا مرارا، فلم يجبني أحد من الناس إلى ذلك، وهم يسمعون كلامي، وينظرون في وجهي. فقالت: يا رسول الله، انطلق أنت إلى هديك فانحره، فإنهم سيقتدون بك، فاضطبع (1) بثوبه وخرج، فأخذ الحربة ويمم هديه، وأهوى بالحربة إلى البدنة رافعا صوته: بسم الله والله أكبر. ونحر.
نحر الهدي فتواثب المسلمون إلى الهدي وازدحموا عليه ينحرونه، حتى كاد بعضهم يقع على بعض، وأشرك صلى الله عليه وسلم بين أصحابه في الهدي، فنحر البدنة عن سبعة، وكان الهدي سبعين بدنة، وقيل: مائة. وكان الهدي دون الجبال التي تطلع على وادي الثنية، عرض له المشركون فردوا وجوه البدن، فنحر رسول الله صلى الله عليه وسلم بدنه حيث حبسوه، (وهي الحديبية). وشرد جمل أبي جهل من الهدي وهو يرعى - وقد قلد وأشعر، وكان نجيبا مهريا - فمر من الحديبية حتى انتهى إلى دار أبي جهل بمكة. وخرج في إثره عمرو بن غنمة (2) بن عدي بن نابي السلمي الأنصاري، فأبى سفهاء مكة أن يعطوه حتى أمرهم سهيل بن عمرو بدفعه إليه، فدفعوا فيه مائة ناقة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لولا أننا سميناه في الهدي فعلنا. ونحره عن سبعة.
ونحر طلحة بن عبيد الله وعبد الرحمن بن عوف، وعثمان بن عفان بدنات ساقوها.
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم مضطربا (3) في الحل، وإنما يصلى في الحرم. وحضره من يسأل من لحوم البدن معترا (4)، فأعطاهم من لحومها وجلودها. وأكل المسلمون من هديهم وأطعموا المساكين، وبعث صلى الله عليه وسلم من الهدي بعشرين بدنة لتنحر عند المروة