ابن كعب (1) بن تميم بن مرة.
تحكيمه في أمر الحجر الأسود وكان الله تعالى قد صانه وحماه من صغره، وطهره وبرأه من دنس الجاهلية ومن كل عيب، ومنحه كل خلق جميل، حتى لم يكن يعرف بين قومه إلا بالأمين، لما شاهدوا من طهارته وصدق حديثه وأمانته، بحيث أنه لما بنيت الكعبة بعد هدم قريش لها في سنة خمس وثلاثين، وقيل: سنة خمس وعشرين من عمره صلى الله عليه وسلم وذلك قبل المبعث بخمس عشرة سنة وبعد الفجار بخمس عشرة سنة - ووصلوا إلى موضع الحجر الأسود، اشتجروا فيمن يضع الحجر موضعه، (فأرادت (2)) كل قبيلة رفعه إلى موضعه، واستعدوا للقتال وتحالفوا على الموت، ومكثوا على ذلك أربع ليال.
فأشار عليهم أبو أمية (3) حذيفة بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم - وهو أسن قريش يومئذ - أن يجعلوا بينهم حكما أول من يدخل من باب المسجد، فكان أول من دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رأوه قالوا: هذا الأمين قد رضينا به، وأخبروه الخبر، فقال: (هلموا (4)) لي ثوبا، فأتي بثوب - يقال إنه كساء أبيض من متاع الشام كان له صلى الله عليه وسلم - فأخذ الحجر الأسود فوضعه فيه بيده ثم قال: لتأخذ كل قبيلة بناحية من الثوب ثم ارفعوه جميعا، ففعلوا حتى بلغوا به موضعه فوضعه صلى الله عليه وسلم بيده ثم بني عليه. ويقال: كان الثوب الذي وضع فيه الحجر للوليد بن المغيرة.
أول ما بدئ به من النبوة ولما أراد الله رحمة العباد، وكرامته صلى الله عليه وسلم بإرساله إلى العالمين، كان أولا يرى