شيئا - فسلموا، ثم قال بديل: جئناك من عند قومك كعب بن لؤي وعامر بن لؤي، وقد استنفروا لك الأحابيش ومن أطاعهم، معهم العوذ المطافيل - (النساء (1) والصبيان) - يقسمون بالله لا يخلون بينك وبين البيت حتى تبيد خضراؤهم (2). فقال صلى الله عليه وسلم: إنا لم نأت لقتال أحد، إنما جئنا لنطوف بهذا البيت، فمن صدنا عنه قاتلناه. وقريش قوم قد أضرت بهم الحرب ونهكتهم، فإن شاءوا ماددتهم مدة يأمنون فيها، ويخلون فيما بيننا وبين الناس - والناس أكثر منهم -، فإن ظهر أمري على الناس كانوا بين أن يدخلوا فيما دخل فيه الناس، أو يقاتلوا وقد جموا (3). والله لأجهدن على أمري هذا إلى أن تنفرد سالفتي (4) أو ينفذ الله أمره! فعاد بديل وركبه إلى قريش، وقد تواصوا ألا يسألوا بديلا عما جاء فيه.
فلما رأى أنهم لا يستخبرونه قال: إنا جئنا من عند محمد. أتحبون أن نخبركم؟ فقال عكرمة بن أبي جهل، والحكم بن أبي العاص: لا، والله ما لنا حاجة بأن تخبرونا عنه، ولكن أخبره عنا: أنه لا يدخلها علينا عامه هذا حتى لا يبقى منا رجل.
سماع المشركين مقالة بديل فأشار عليهم عروة بن مسعود بن معتب بن مالك بن كعب بن عمرو بن سعد ابن عوف بن ثقيف (واسمه قسي) (5) بن منبه بن بكر بن عكرمة بن خصفة بن قيس بن عيلان بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان - أن يسمعوا كلام بديل، فإن أعجبهم قبلوه، وإلا تركوه، فقال صفوان بن أمية، والحارث بن هشام: أخبرنا بالذي رأيتم والذي سمعتم. فأخبروه بمقالة النبي صلى الله عليه وسلم، فقال عروة بن مسعود:
فإن بديلا قد جاءكم بخطة رشد، لا يردها أحد إلا أخذ شرا منها، فاقبلوها منه، وابعثوني حتى آتيكم بمصداقها، وأكون لكم عينا.
بعثة قريش عروة بن مسعود إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فبعثوه. فقال: يا محمد! إني تركت قومك على أعداد (6) مياه الحديبية قد