- وربما كان تعين أحمد المقريزي في تلك الوظيفة التعليمية بتوصية خاصة من أستاذه (عبد الرحمن بن خلدون) لدى صديقه (السلطان برقوق).
ثم انتقل المقريزي من التدريس إلى الحسبة حين عينه (السلطان برقوق) سنة 1398 م محتسبا للقاهرة والوجه البحري، فانتقل بذلك من دائرة الإدارة والاختلاط بمختلف طبقات المجتمع، ذلك أن وظيفة المحتسب التي يقابلها في الوقت الحاضر عدة وظائف وزارية شملت وقتذاك النظر في الأسعار الجارية، وأحوال النقود، وضبط الموازين والمكاييل والمقاييس، ومراقبة الآداب العامة ونظافة الشوارع، وتنظيم حركة المرور، مع الإشراف على المدارس والمدرسين والطلاب، والعناية بالمساجد والحمامات والوكالات، فضلا عن مراقبة أصحاب الصناعات الفنية من الأطباء، والصيادلة، والمعلمين (أي المهندسين المعماريين).
ويضاف إلى هذه الواجبات الكثيرة الداخلة في اختصاص المحتسب أحوال الباعة الجائلين، والمتعيشين، والشحاذين، والمتعطلين الذين كانوا خطرا دائما على الأمن.
ويتضح من ضخامة هذه الوظيفة ومسؤوليتها أن أحمد بن علي المقريزي الذي تعين عليها بأمر (السلطان برقوق)، لا بد أنه اشتهر وقتذاك بالكفاية والدقة في الإدارة والأمانة في تطبيق الأحكام الشرعية.
غير أنه لم يلبث أن تنحى عن هذه الوظيفة مرتين في عامين متتالين، إذ ضاق بمسؤوليتها التي شغلت وقته ليلا ونهارا، وصرفته عن القراءة، وتطلبت منه الجلوس في دكة المحتسب - (بوابة المتولي الحالية) - للفصل في شكاوى السوق والسوقة، وتوقيع عقوبات على المخالفين، وإصدار الأوامر إلى العرفاء والأعوان والنقباء، مع العلم بأن وظيفة (محتسب القاهرة) شملت الوجه البحري كله.
مؤلفات المقريزي:
ترك المقريزي - رحمه الله - مؤلفات عديدة، في مجال التاريخ، والأنساب، والعقائد، والفقه، والأدب، والعلوم البحتة، زادت على