(أرض) بها أمشي بلا هادي * (أرض) بها ترسخ أوتادي (1) حتى انتهى إلى الكعبة: فتقدم على راحلته فاستلم الركن بمحجته وكبر، فكبر المسلمون لتكبيره حتى ارتجت مكة تكبيرا. فأشار إليهم أن اسكتوا! والمشركون فوق الجبال ينظرون.
الأصنام التي حول الكعبة ثم طاف، ومحمد بن مسلمة (2) آخذ بزمامها، وحول الكعبة ثلاثمائة وستون صنما مرصصة بالرصاص - وهبل أعظمها وهو وجاه الكعبة على بابها، وإساف ونائلة حيث ينحرون ويذبحون - فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم كلما مر بصنم منها يشير بقضيب في يده ويقول: " جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا ". فيقع الصنم لوجهه. فطاف سبعا يتسلم الركن بمحجنه في كل طواف. فعطش صلى الله عليه وسلم (3) - وكان يوما صائفا - فاستسقى (4) فأتى بقدح من شراب زبيب، فلما أدناه من فيه وجد له ريحا شديدة فرده. ودعا بماء من زمزم فصبه عليه حتى فاض من جوانبه، وشرب منه، ثم ناوله الذي عن يمينه. فلما فرغ من (سبعه) (5) نزل عن راحلته، وجاء معمر بن عبد الله بن نضله فأخرج راحلته. وانتهى رسول الله إلى المقام - وهو يومئذ لاصق بالكعبة، والدرع والمغفر عليه، وعمامة لها طرف بين كتفيه - فصلى ركعتين، ثم انصرف إلى زمزم فاطلع فيها وقال: لولا أن يغلب بنو عبد المطلب لنزعت منها دلوا! فنزع له العباس بن عبد المطلب دلوا فشرب منه. ويقال: الذي نزع الدلو أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب، ولم يسع بين الصفا والمروة لأنه لم يكن يومئذ معتمرا.
كسر هبل وأمر بهبل فكسر وهو واقف عليه، فقال الزبير بن العوام لأبي سفيان ابن حرب: يا أبا سفيان! قد كسر هبل! أما إنك قد كنت منه يوم أحد في غرور،