موقف رسول الله على قتلى بدر وما قاله ثم وقف عليهم فناداهم: يا عتبة بن ربيعة، يا شيبة بن ربيعة، يا أمية بن خلف، يا أبا جهل بن هشام، هل وجدتم ما وعدكم (1) ربكم حقا فإني قد وجدت ما وعدني ربي حقا؟ بئس القوم كنتم لنبيكم، كذبتموني وصدقني الناس، وأخرجتموني وآواني الناس، وقاتلتموني ونصرني الناس! قالوا (2): يا رسول الله تنادي قوما ماتوا! قال: قد علموا أن ما وعدهم ربهم حق.
وقال السدي عن مقسم عن ابن عباس: وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم على قتلى بدر فقال: جزاكم الله عني من عصابة شرا، فقد خونتموني (3) أمينا وكذبتموني صادقا. ثم التفت إلى أبي جهل فقال: هذا أعتى على الله من فرعون، إن فرعون لما أيقن (4) بالهلكة وحد الله، وإن هذا لما أيقن بالهلكة دعا باللات والعزى. وكان انهزام القوم حين زالت الشمس، فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم ببدر وأمر عبد الله بن كعب ببعض الغنائم وحملها، وندب نفرا من أصحابه أن يعينوه، ثم صلى العصر وراح فمر بالأثيل (5) قبل غروب الشمس فنزل وبات به. وكان ذكوان بن عبد قيس (6) يحرس المسلمين تلك الليلة حتى كان آخر الليل ارتحل. فلما كان بعرق الظبية أمر عاصم بن ثابت ابن أبي الأقلح فضرب عنق عقبة بن أبي معيط، ويقال بل أمر علي بن أبي طالب فضرب عنقه، والأول أشهر.
قسمة الغنائم ولما نزل بسير وهو شعب بالصفراء قسم الغنائم بين أصحابه، وتنفل سيفه ذا الفقار وكان لمنبه بن الحجاج فكان صفيه، وأخذ سهمه مع المسلمين وفيه جمل أبي جهل، وكان مهريا (7)، فكان يغزو عليه ويضرب في لقاحه.