الثامن عشر من ربيع الأول على رأس خمسة وعشرين شهرا في قول الواقدي (1)، وذكر ابن إسحاق أنها كانت في المحرم سنة ثلاث، ومعه أربعمائة وخمسون، فيهم عدة أفراس. واستخلف على المدينة عثمان بن عفان رضي الله عنه. وذلك أنه بلغه أن جمعا - من بني ثعلبة بن سعد بن ذبيان بن بغيض بن ريث بن غطفان، وبني محارب بن خصفة بن قيس - بذي أمر قد تجمعوا يريدون أن يصيبوا من أطرافه صلى الله عليه وسلم، فجمعهم دعثور بن الحارث من بني محارب. فأصاب (رسول الله صلى الله عليه وسلم) (2) رجلا منهم بذي القصة يقال له جبار من بني ثعلبة فأسلم، وسار معهم يدلهم على عورات القوم حتى أهبطهم من كثيب، فهربت الأعراب فوق الجبال، فنزل صلى الله عليه وسلم ذي أمر، فأصابهم مطر كثير، فذهب صلى الله عليه وسلم لحاجته فأصابه المطر فبل ثوبه فنزعه ونشره على شجرة ليجف واضطجع تحتها والأعراب تنظر إليه.
خبر دعثور الذي أراد قتل رسول الله فبادر دعثور وأقبل مشتملا على السيف حتى قام على رأس النبي صلى الله عليه وسلم بالسيف مشهورا وقال: يا محمد، من يمنعك مني اليوم؟ قال: الله. ودفع جبريل عليه السلام في صدره فوقع السيف من يده، فأخذه النبي صلى الله عليه وسلم وقام به على رأسه فقال:
من يمنعك مني؟ فقال: لا أحد، وأسلم، وحلف لا يكثر عليه جمعا أبدا ثم أدبر، فأعطاه سيفه. فأتى قومه ودعاهم إلى الإسلام، وفيه نزلت: (يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ هم قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم فكف أيديهم عنكم واتقوا الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون) (3). وعاد صلى الله عليه وسلم إلى المدينة فكانت غيبته أحد عشرة ليلة.
زواج أم كلثوم بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي ربيع الأول هذا تزوج عثمان بن عفان رضي الله عنه بأم كلثوم بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ودخل بها في جمادى الآخرة، رضي الله عنها.