عليه، واتعدوا (1) خطم الحجون (2) بأعلى مكة، وتعاهدوا هناك على القيام في نقض الصحيفة، وما زالوا حتى شقوها، فإذا الأرضة قد أكلتها إلا ما كان من " باسمك اللهم ". وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أخبر عمه أبا طالب بأن الله قد أرسل على الصحيفة الأرضة فأكلت جميع ما فيها إلا ذكر الله تعالى. وعن موسى بن عقبة عن الزهري أن النبي قال لعمه: إن الأرضة لم تترك اسما لله إلا لحسته، وبقى فيها ما كان من (جور) (3) أو ظلم أو قطيعة رحم. فلما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه من الشعب كان له من العمر تسع وأربعون سنة، وكان خروجهم في السنة العاشرة، وقيل: مكثوا في الشعب سنتين، ويقال: إن رجوع من كان مهاجرا بالحبشة إلى مكة كان بعد الخروج من الشعب.
موت خديجة وأبي طالب (عام الحزن) ومات عقيب ذلك أبو طالب وخديجة، فمات أبو طالب أول ذي القعدة، وقيل: في نصف شوال، ولرسول الله من العمر تسع وأربعون سنة وثمانية أشهر وأحد عشر يوما، وماتت خديجة رضي الله عنها قبله بخمسة وثلاثين يوما، وقيل:
كان بينهما خمسة وخمسون يوما، وقيل: ثلاثة أيام، وقيل: كان موتهما بعد الخروج من الشعب بثمانية أشهر وأحد وعشرين يوما، فعظمت المصيبة على رسول الله صلى الله عليه وسلم بموتهما وسماه " عام الحزن " وقال: ما نالت قريش مني شيئا أكرهه حتى مات أبو طالب، لأنه لم يكن في عشيرته وأعمامه - حاميا له ولا ذابا عنه - (غير أبي طالب) (4).
خروجه إلى الطائف فخرج ومعه زيد بن حارثة إلى الطائف في شوال سنة عشر من النبوة يلتمس من ثقيف النصر لأنهم كانوا أخواله، فكلم سادتهم، وهم: عبد يا ليل ومسعود