على ذلك رد المشركون فإذا هم فوقهم، وإذا كتائبهم قد أقبلت، فندبهم النبي صلى الله عليه وسلم يحضهم على القتال، فعدوا إليهم فانكشفوا، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل فإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين) (1). وأبو سفيان في سفح الجبل فقال صلى الله عليه وسلم: ليس لهم أن يعلونا فانكشفوا (2).
خبر النعاس وألقى الله النعاس على من مع النبي صلى الله عليه وسلم وهم سلم (3) لمن أرادهم، لما بهم من الحزن فناموا ثم هبوا من نومهم كأن لم تصبهم قبل ذلك نكبة. وقال معتب ابن قشير، ويقال: بشير بن مليل بن زيد بن العطاف بن ضبيعة بن زيد بن مالك ابن عوف بن عمرو بن عوف الأنصاري: لو كان لنا من الأمر شئ ما قتلناها هنا!
فأنزل الله تعالى: (إذ تصعدون ولا تلوون على أحد) (إلى آخر الآيات) (4) قال أبو اليسر كعب بن عمرو بن عباد بن عمرو بن غنم (5) بن سواد بن غنم بن كعب بن سلمة الأنصاري: لقد رأيتني يومئذ - في أربعة عشر رجلا من قومي - إلى جنب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أصابنا النعاس أمنة، فما منهم إلا رجل يغط غطيطا حتى إن الجحف (6) لتناطح. ولقد رأيت سيف بشر بن البراء بن معرور سقط من يده وما يشعر به حتى أخذه بعد ما تثلم: وإن المشركين لتحتنا. وقال أبو طلحة زيد بن سهل بن الأسود بن حرام بن عمرو بن زيد بن مناة بن عدي ابن عمرو بن مالك بن النجار الأنصاري: ألقي علينا النعاس، فكنت أنعس حتى سقط سيفي من يدي. وكان النعاس لم يصب أهل النفاق والشك يومئذ، فكل (7) منافق يتكلم بما في نفسه، وإنما أصاب النعاس أهل اليقين والإيمان.