عرض نفسه على القبائل (ثم عرض) (1) نفسه على القبائل أيام الموسم ودعاهم إلى الإسلام، وهم:
بنو عامر، وغسان، وبنو فزارة، وبنو مرة، وبنو حنيفة، وبنو سليم، وبنو عبس، وبنو نصر، وثعلبة بن عكابة، وكندة، وكلب، وبنو الحارث بن كعب، وبنو عذرة، وقيس بن الخطيم (2)، وأبو الحيسر أنس بن أبي رافع (3). وقد اقتص الواقدي أخبار هذه القبائل قبيلة قبيلة، ويقال: إنه صلى الله عليه وسلم بدأ بكندة فدعاهم إلى الإسلام، ثم أتى كلبا، ثم بني حنيفة، ثم بني عامر، وجعل يقول: من رجل يحملني إلى قومه فيمنعني حتى أبلغ رسالة ربي، فإن قريشا قد منعوني أن أبلغ رسالة ربي؟ هذا، وعمه أبو لهب وراءه يقول للناس: لا تسمعوا منه فإنه كذاب! وكان أحياء العرب يتحامونه لما يسمعون من قريش فيه: إنه كاذب، إنه ساحر، إنه كاهن، إنه شاعر!! أكاذيب يفترفونه بها حسدا من عند أنفسهم وبغيا، فيصغي إليهم من لا تمييز له من أحياء العرب، وأما الألباء فإنهم إذا سمعوا كلامه صلى الله عليه وسلم وتفهموه شهدوا بأن ما يقوله حق وصدق، وأن قومه يفترون عليه الكذب، فيسلمون.
أول أمر الأنصار وكان مما صنع الله الأنصار - وهم الأوس والخزرج - أنهم كانوا يسمعون من حلفائهم بني قريظة والنضير - يهود المدينة - أن نبيا مبعوث في هذا الزمان، ويتوعدون الأوس والخزرج به إذا حاربوا فيقولون: إنا سنقتلكم معه قتل عاد وإرم.
وكانت الأنصار - وهم الأوس والخزرج - تحج البيت فيمن يحجه من العرب، فلما رأوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو الناس إلى الله رأوا أمارات الصدق عليه لائحة، فقالوا: والله هذا الذي توعدكم يهود به فلا تسبقنكم إليه.