فأشار أبو بكر رضي الله عنه أن يمضوا لوجوههم، ويقاتلوا من صدهم. وقال المقداد بن عمرو: يا رسول الله لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى: " اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون " ولكن: " اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما (1) مقاتلون ". والله يا رسول الله! لو سرت بنا إلى برك الغماد لسرنا معك ما بقي منا رجل. وقال أسيد بن الحضير: يا رسول الله! نرى أن نصمد لما خرجنا له، فمن صدنا قاتلناه. فقال: إنا لم نخرج لقتال أحد، إنما خرجنا عمارا.
بديل بن ورقاء وخبر قريش ولقيه بديل بن ورقاء بن عبد العزى بن ربيعة بن جرى بن عامر بن مازن ابن عدي بن عمرو بن ربيعة (وهو الحي) (2) الخزاعي - في نفر من خزاعة، منهم الحليس بن علقمة الحارثي، من بني الحارث بن عبد مناة، فقال: يا محمد!
لقد اغتررت بقتال قومك حلائب (3) العرب، والله ما أرى معك أحدا له وجه، مع أني أراكم قوما لا سلاح معكم! فقال أبو بكر رضي الله عنه: عضضت ببظر اللات! فقال بديل: أما والله لولا يد لك عندي لأجبتك، فوالله ما أتهم أنا ولا قومي ألا أكون أحب أن يظهر محمد. إني رأيت قريشا مقاتلتك عن ذراريها وأموالها، قد خرجوا إلى بلدح فاضطربوا (4) الأبنية، معهم العوذ المطافيل (5)، وترافدوا على الطعام (6) يطعمون الخزير (7) من جاءهم، يتقوون به على حربك، فر رأيك (8). وكانت قريش قد ترافدوا وجمعوا أموالا يطعمون بها من ضوي إليهم من الأحابيش. وكان يطعم في أربعة أمكنة: في دار الندوة لجماعتهم، وكان صفوان ابن أمية، وسهيل بن عمرو، وعكرمة بن أبي جهل، وحويطب بن عبد العزى، كل منهم يطعم في داره.