فيقاتلوا حتى يقتلوا أو يظفروا، فأبوا ذلك. فأشار عليهم أن يخرجوا ليلة السبت والمسلمون آمنون فيبيتونهم فقالوا: لا نحل السبت. واختلفوا وندموا على ما صنعوا.
ذكر من أسلم من يهود بني قريظة ونزل منهم (ثعلبة بن سعيه، وأسيد بن سعيه) (1)، وأسد بن عبيد، وأسلموا. وأمنوا على أنفسهم وأهليهم وأموالهم، ونزل عمرو بن سعدى، (وكان أبى أن يدخل مع بني قريظة في غدرهم برسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: لا أغدر بمحمد أبدا. فبات في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة تلك الليلة، ثم ذهب) (2) فلم يدر أين هو! وقيل: (إنه كان أوثق برمة فيمن أوثق من بني قريظة حين نزلوا على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأصبحت رمته ملقاة ولا يدري أين ذهب!) (3).
خبر أبي لبابة في مشورة اليهود.
فلما اشتد عليهم الحصار طلبوا أبا لبابة بن عبد المنذر، فدخل عليهم فقالوا له: ما ترى؟ إن محمدا أبى إلا أن ننزل عن حكمه! قال: فانزلوا. وأومأ إلى حلقه، وهو الذبح. ثم نزل - والناس ينتظرونه - وقد ندم على ما كان منه.
فمر على وجهه حتى ارتبط في المسجد إلى سارية، وبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم ما صنع وذهابه، فقال: دعوه حتى يحدث الله فيه ما يشاء، ولو جاءني استغفرت له، وأما إذ (4) لم يأتني وذهب فدعوه. فكان كذلك خمس عشرة ليلة، - وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد استعمله على القتال، وأنزل فيه: (وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا عسى الله أن يتوب عليهم إن الله غفور رحيم) (5).