من مجلسك هذا. والله لقد علمت الخزرج ما كان فيها (1) رجل أبر بوالده (1) مني، وإني لأخشى - يا رسول الله - أن تأمر غيري فيقتله فلا تدعني نفسي أن أنظر إلى قاتل أبي يمشي في الناس فأقتله فأدخل النار، وعفوك أفضل، ومنك أعظم.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أردت قتله، وما أمرت به، ولنحسنن صحبته ما كان بين أظهرنا. فقال: يا رسول الله! إن أبي كانت هذه البحيرة قد استقوا (2) عليه ليتوجوه، فجاء الله بك فوضعه ورفعنا بك، ومعه قوم يطيفون به (3) يذكرونه أمورا قد غلب الله عليها. وقال عبد الله في ذلك شعرا.
سير رسول الله ولما خرجوا من المريسيع قبل الزوال لم ينخ (4) أحد إلا لحاجة أو لصلاة، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يستحث راحلته بالسوط في تراقيها (5) حتى أصبحوا، ومدوا يومهم حتى انتصف النهار، ثم راحوا مردين (6) فنزل من الغد ماء يقال له:
بقعاء.
الريح التي أنذرت بموت كهف المنافقين رفاعة بن التابوت فأخذتهم ريح شديدة - اشتدت إلى أن زالت الشمس ثم سكنت آخر النهار - حتى أشفقوا منها، وسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها، وخافوا أن يكون عيينة بن حصن خالف إلى المدينة، وقالوا: لم تهج هذه الريح إلا من حدث. فقال صلى الله عليه وسلم: ليس عليكم بأس منها، فما بالمدينة من نقب (7) إلا عليه ملك يحرسه، وما كان ليدخلها