المسلمين، ويظهرون أقبح القول: فيقول ابن أبي لابنه عبد الله - وهو جريح قد بات يكوي الجراحة بالنار - ما كان خروجك معه إلى هذا الوجه برأي! عصاني محمد وأطاع الولدان، والله لكأني كنت أنظر إلى هذا. فقال ابنه: الذي صنع الله لرسوله (1) وللمسلمين خير.
ما قالت اليهود والمنافقون شماتة بقتلى أحد وأظهرت اليهود القول السئ فقالوا: ما محمد إلا طالب ملك، ما أصيب هكذا نبي قط! أصيب في بدنه، وأصيب في أصحابه! وجعل المنافقون يخذلون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه ويأمرونهم بالتفرق عنه، ويقولون: لو كان من قتل منكم عندنا ما قتل. وسمع عمر بن الخطاب رضي الله عنه ذلك في أماكن، فمشى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يستأذنه في قتل من سمع ذلك منه من يهود والمنافقين. فقال عليه السلام: يا عمر، إن الله مظهر دينه ومعز نبيه، ولليهود ذمة فلا أقتلهم، قال: فهؤلاء المنافقون! قال: أليس يظهرون شهادة أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله؟ قال: بلى يا رسول الله " وإنما يفعلون ذلك تعوذا من السيف، فقد بان لنا أمرهم، وأبدى الله أضغانهم عن هذه النكبة! فقال: نهيت عن قتل من قال لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله يا ابن الخطاب، إن قريشا لن ينالوا منا مثل هذا اليوم حتى نستلم الركن.
ما نزل من القرآن في غزوة أحد ونزل في غزوة أحد من قوله تعالى: (وإذ غدوت من أهلك تبوئ المؤمنين مقاعد للقتال) من سورة آل عمران إلى آخرها (2)، وكان قد نزل قبل أن يخرج صلى الله عليه وسلم إلى حد قوله تعالى: (إذ تقول للمؤمنين ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين (124) بلى إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين (125) وما جعله الله إلا بشرى لكم ولتطمئن قلوبكم به وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم) (3). فلم يصبروا وانكشفوا، فلم يمد رسول الله صلى الله عليه وسلم بملك واحد يوم أحد.