خبر دفن القتلى ودفن حمزة وقال صلى الله عليه وسلم للمسلمين، احفروا وأوسعوا وأحسنوا وادفنوا الاثنين والثلاثة في القبر. وقدموا أكثرهم قرآنا، فكانوا يقدمون أكثرهم قرآنا في القبر، ولما واروا حمزة رضي الله عنه أمر رسول الله صلى الله عليه سلم ببردة تمد عليه وهو في القبر، فجعلت البردة إذا خمروا (1) رأسه بدت قدماه، وإذا خمروا رجليه ينكشف وجهه، فقال صلى الله عليه وسلم: غطوا وجهه، وجعل على رجليه الحرمل (2). فبكى المسلمون وقالوا:
يا رسول الله! عم رسول الله لا نجد له ثوبا؟ فقال: تفتح الأرياف والأمصار فيخرج إليها الناس ثم يبعثون إلى أهليهم، إنكم بأرض حجاز (3) جردية (الجردية التي ليس بها شئ من الأشجار) (4) والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون. والذي نفسي بيده لا يصبر أحد على لوائها وشدتها إلا كنت له شفيعا أو شهيدا يوم القيامة.
مصعب بن عمير ومر صلى الله عليه وسلم على مصعب بن عمير وهو مقتول في بردة فقال: لقد رأيتك بمكة وما بها أحد أرق حلة منك ولا أحن لمة منك، ثم أنت شعث الرأس في بردة. ثم أمر به فقبر.
وكان كثير من الناس حملوا موتاهم إلى المدينة فدفنوهم، فنادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ردوا القتلى إلى مضاجعهم. فلم يرد أحد إلا رجل واحد أدركه المنادي ولم يدفن، وهو شماس بن عثمان المخزومي.
موقف المسلمين للثناء على الله ولما فرغ صلى الله عليه وسلم من دفن أصحابه ركب فرسه وخرج، والمسلمون حوله:
عامتهم جرحى، ولا مثل لبني (6) سلمة وبني عبد الأشهل ومعه أربع عشرة امرأة،