النجار - موضع مسجده الآن - فبركت ثم نهضت وسارت قليلا ثم التفت ورجعت فبركت في موضعها الأول.
وقيل: إن جبار بن صخر من بني سلمة - وكان من صالحي المسلمين - جعل ينخسها لتقوم منافسة لبني النجار أن ينزل رسول الله صلى الله عليه وسلم عندهم فلم تقم، فنزل صلى الله عليه وسلم عنها، وحمل أبو أيوب خالد بن زيد بن كليب بن ثعلبة بن عبد عوف (1) بن غنم بن مالك بن النجار الأنصاري رحل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى منزله، وجاء أسعد بن زرارة فأخذ بزمام راحلة رسول الله صلى الله عليه وسلم فكانت عنده.
أول ما أهدي إليه وأول هدية أتته قصعة مثرودة خبزا وسمنا ولبنا جاءه بها زيد بن ثابت من عند أمه، فأكل وأصحابه. ثم جاءت قصعة سعد بن عبادة وفيها عراق (2) لحم. فأقام في بيت أبي أيوب سبعة أشهر، وما كانت تخطئه جفنة سعد بن عبادة وجفنة أسعد ابن زرارة كل ليلة، وجعل بنو النجار يتناوبون حمل الطعام إليه (3) مقامه في منزل أبي أيوب، وبعثت إليه أم زيد بن ثابت بثردة مرواة سمنا ولبنا، ونزل أسامة بن زيد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في دار أبي أيوب.
مسجده وحجره واشترى صلى الله عليه وسلم موضع مسجده وكان مربدا (4) لسهل وسهيل ابني عمرو - وكانا يتيمين في حجر أسعد بن زرارة - بعشرة دنانير، وفي الصحيح أن بني النجار بذلوه لله تعالى، فبناه مسجده المعروف الآن بالمدينة. وبنى الحجر لأزواجه بجانب المسجد وجعلها تسعا: بعضها مبني بحجارة قد رصت، وسقفها من جريد مطين بطين، ولكل بيت حجرة، وكانت حجرته صلى الله عليه وسلم أكسية من شعر مربوطة في خشب من عرعر (5).