عدو حتى تأتوها، ولكنه مات اليوم منافق النفاق بالمدينة: فلذلك عصفت الريح. وكان موته للمنافقين غيظا شديدا، وهو رفاعة بن زيد بن التابوت (1) (أحد بني قينقاع، وكان عظيما من عظماء يهود، وكهفا للمنافقين) (2)، مات ذلك اليوم. وكانت هذه الريح أيضا بالمدينة حين دفن عدو الله فسكنت.
جزع المنافقين لموته وقال عبادة بن الصامت يومئذ لابن أبي: أبا حباب! مات خليلك. قال:
أي أخلائي؟ قال: من موته فتح للإسلام وأهله! رفاعة بن زيد (1) بن التابوت، قال: يا ويلاه! كان والله وكان وكان، وجعل يذكر. فقال له عبادة: اعتصمت والله بالذنب الأبتر! قال: من خبرك يا أبا الوليد بموته؟ قال: رسول الله أخبرنا الساعة أنه مات هذه الساعة، فأسقط في يديه وانصرف كئيبا حزينا. فلما دخلوا المدينة وجدوا عدو الله مات في تلك الساعة.
خبر ناقة رسول الله التي فقدت، ومقالة المنافق وفقدت ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم - القصواء - من بين الإبل وهي سارحة، فتطلبها المسلمون في كل وجه، فقال زيد بن اللصيت (القينقاعي) (3) وكان منافقا: أفلا يخبره الله بمكان ناقته! فأنكر القوم ذلك عليه، وأسمعوه كل مكروه، وهموا به، فهرب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم متعوذا به وقد جاءه الوحي بما قال، فقال - والمنافق يسمع -: إن رجلا من المنافقين شمت أن ضلت ناقة رسول الله وقال:
ألا يخبره الله بمكانه؟ فلعمري أن محمدا ليخبر بأعظم من شأن الناقة! ولا يعلم الغيب إلا الله، وإن الله قد أخبرني بمكانها، وأنها في هذا الشعب: مقابلكم، قد تعلق زمامها بشجرة، فاعمدوا عمدها. فذهبوا فأتوا بها من حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.