هم يا رسول الله بدأونا بالقتال، ورشقونا بالنبل، ووضعوا فينا السلاح، وقد كففت ما استطعت، ودعوتهم إلى الاسلام وأن يدخلوا فيما دخل فيه الناس فأبوه، حتى إذا لم أجد بدا قاتلتهم، فظفرنا الله عليهم وهربوا في كل وجه يا رسول الله!
فقال: فكف عن الطلب. قال: قد فعلت يا رسول الله. قال: قضاء الله خير.
النهي عن القتال إلا خزاعة عن بني بكر ثم قال: يا معشر المسلمين! كفوا السلاح، إلا خزاعة عن بني بكر إلى صلاة العصر، فخبطوهم ساعة. وهي الساعة التي أحلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم لم تحل لأحد قبله. وقيل: خبطوهم إلى نصف النهار وكان صلى الله عليه وسلم نهى أن يقتل من خزاعة أحد.
وبعث تميم بن أسد الخزاعي فجدد أنصاب الحرم. ودخل جنيدب بن الأدلغ (الهذلي) (1) مكة يرتاد وينظر - والناس آمنون - فرآه جندب بن الأعجم (2) الأسلمي. فقال: جنيدب بن الأدلغ " قاتل أحمر (بأسا) (3)! فقال: نعم فخرج جندب (بن الأعجم) يستجيش عليه حيه، فلقي خراش بن أمية الكعبي فأخبره.
فاشتمل خراش على السيف ثم أقبل إليه - والناس حوله وهو يحدثهم - فحمل عليه فقتله، ويقال إنه قتله بالمزدلفة.
خطبته صلى الله عليه وسلم لما كثر القتل بين خزاعة وبني بكر فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم قتله، قال خطيبا - الغد من يوم الفتح بعد الظهر - فقال: يا أيها الناس، إن الله حرم مكة يوم خلق السماوات والأرض، ويوم خلق الشمس والقمر، ووضع هذين الجبلين، فهي حرام إلى يوم القيامة لا يحل لمؤمن يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك فيها دما. ولا يعضد فيها شجرا، لم تحل لأحد كان قبلي، ولا تحل لأحد (يكون) (4) بعدي، ولم تحل لي إلا ساعة من نهار.
ثم رجعت حرمتها بالأمس، فليبلغ شاهدكم غائبكم، فإن قال قائل: قد قاتل فيها رسول الله! فقولوا: إن الله قد أحلها لرسوله ولم يحلها لكم يا معشر خزاعة!