أوله. فنام عمار بن ياسر وقام عباد بن بشر يصلي، وأقبل عدو الله يطلب غرة وقد سكنت الريح. فلما رأى سواده من قريب قال: يعلم الله إن هذا لربيئة القوم:
ففوق له سهما فوضعه فيه، فانتزعه (فوضعه) (1)، ثم رماه بآخر فوضعه فيه، فانتزعه فوضعه، ثم رماه الثالث فوضعه فيه. فلما غلبه الدم ركع وسجد، ثم قال لصاحبه: اجلس فقد أتيت: فجلس عمار، فلما رأى الأعرابي أن عمارا قد قام علم أنهم قد نذروا به. فقال عمار: أي أخي؟ ما منعك أن توقظني في أول سهم رمى به؟ قال: كنت في سورة أقرأها - وهي سورة الكهف - فكرهت أن أقطعها حتى أفرغ منها. ولولا إني خشيت أن أضيع ثغرا أمرني به رسول الله صلى الله عليه وسلم ما انصرفت ولو أتى على نفسي. ويقال: بل هو عمارة بن حزم، وأثبتهما عباد بن بشر.
خبر فرخ الطائر وجاء رجل بفرخ طائر، فأقبل أبواه، أو أحدهما حتى طرح نفسه في يد الذي أخذ فرخه، فعجب الناس من ذلك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتعجبون من هذا الطائر؟ أخذتم فرخه فطرح نفسه رحمة لفرخه! والله لربكم أرحم بكم من هذا الطائر بفرخه.
خبر صاحب الثوب الخلق ورأى صلى الله عليه وسلم رجلا وعليه ثوب منخرق فقال: أما له غير هذا؟ قالوا: بلى يا رسول الله، إن له ثوبين جديدين في العيبة (2)، فقال له: خذ ثوبيك. فأخذ ثوبيه فلبسهما ثم أدبر فقال صلى الله عليه وسلم: أليس هذا أحسن؟ ما له ضرب الله عنقه! فسمع ذلك الرجل، فقال: في سبيل الله يا رسول الله! فقال صلى الله عليه وسلم: في سبيل الله.
فضربت عنقه بعد ذلك في سبيل الله.