وكان الله عز وجل قد أذن للمسلمين في الجهاد بقوله تعالى: (أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير) (1)، فلما صاروا إلى المدينة، وكان لهم شوكة وعضد، كتب الله عليهم الجهاد بقوله سبحانه: (كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون) (2).
أول لواء عقد بعد فرض القتال وكان أول لواء عقده رسول الله صلى الله عليه وسلم - على رأس سبعة أشهر من مقدمه إلى المدينة - لعمه حمزة بن عبد المطلب على ثلاثين راكبا، شطرين: خمسة عشر من المهاجرين، وخمسة عشر من الأنصار، إلى ساحل البحر من ناحية العيص (3) (وقيل: لم يبعث صلى الله عليه وسلم أحدا من الأنصار حتى غزا بنفسه إلى بدر، وذلك أنه ظن أنهم لن ينصروه إلا في الدار، وهو الثبت) (4).
سرية حمزة إلى سيف البحر فبلغوا سيف البحر يعترضون عيرا لقريش قد جاءت من الشام تريد مكة، فيها أبو جهل في ثلاثمائة راكب. فالتقوا واصطفوا للقتال، فمشى بينهم مجدي بن عمر (الجهني) (5) حتى انصرف الفريقان بغير قتال، وعاد حمزة رضي الله عنه بمن معه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبروه بما حجز بينهم مجدي، وأنهم رأوا منه نصفة (6). (وقدم رهط مجدي على النبي صلى الله عليه وسلم فكساهم وذكر مجدي بن عمرو فقال: إنه - ما علمت - ميمون النقيبة مبارك الأمر، أو قال: رشيد الأمر).
وكان لواء حمزة أبيض، يحمله أبو مرثد كناز (7) بن حصين، ويقال ابن حصن بن يربوع بن عمرو بن يربوع بن خرشة بن سعد بن طريف الغنوي.