ثابت بن أقرم، وصاح يا للأنصار!! فأتاه الناس من كل وجه وهم قليل، وهو يقول: إلي أيها الناس.
أخذ اللواء لخالد بن الوليد فلما نظر إلى خالد بن الوليد قال: خذ اللواء يا أبا سليمان! فقال: لا آخذه، أنت أحق به، أنت رجل لك سن (1)، وقد شهدت بدرا. قال ثابت: خذه أيها الرجل! فوالله ما أخذته إلا لك! فأخذه خالد فحمله ساعة، وجعل المشركون يحملون عليه، فثبت حتى تكركر (2) المشركون، وحمل بأصحابه ففض جمعا من جمعهم، ثم دهمه منهم بشر كثير (3)، فانخاش (4) بالمسلمين فانكشفوا راجعين.
وقد قيل: إن ابن رواحة قتل مساء، فبات خالد فلما أصبح غدا، وقد جعل مقدمته ساقة وساقته مقدمة، وميمنته ميسرة وميسرته ميمنة، (فأنكر المشركون) (5) ما كانوا يعرفون من راياتهم وهيأتهم، فقالوا: قد جاءهم مدد! ورعبوا، فانكشفوا منهزمين، فقتلوا منهم مقتلة لم يقتلها قوم. والأول أثبت: أن خالدا انهزم بالناس فعيروا بالفرار، وتشاءم الناس به (6).
مرجع المسلمين إلى المدينة فلما سمع أهل المدينة بقدومهم تلقوهم، وجعلوا يحثون في وجوههم التراب، ويقولون: يا فرار!! أفررتم في سبيل الله؟ فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليسوا بفرار، ولكنهم كرار إن شاء الله.
خبر المنهزمين وما لقوا من الناس فانصرفوا إلى بيوتهم فلزموها، فإنهم كانوا إذا خرجوا صاحوا بهم: يا فرار!
أفررتم في سبيل الله؟ وكان الرجل يدق عليهم فيأبون يفتحون له لئلا يقول (7):
ألا تقدمت مع أصحابك فقتلت؟ حتى جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يرسل إليهم رجلا