الأمراء يوم مؤتة فلما صلى الظهر جلس في أصحابه وقال: زيد بن حارثة أمير الناس، فإن قتل زيد بن حارثة فجعفر بن أبي طالب، فإن أصيب جعفر فعبد الله بن رواحة، فإن أصيب عبد الله بن رواحة فليرتض المسلمون بينهم رجلا فيجعلوه (1) عليهم.
وعقد لواء أبيض ودفعه إلى زيد بن حارثة، فودع الناس الأمراء، وخرج معهم إلى مؤتة ثلاثة آلاف. وجعل المسلمون ينادون: دفع الله عنكم وردكم صالحين غانمين.
وداع جيش مؤتة ووصية الأمراء وشيعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ثنية الوداع، ثم وقف وهم حوله، وقال:
أوصيكم بالتقوى الله، وبمن معكم من المسلمين خيرا. اغزوا بسم الله في سبيل الله، فقاتلوا من كفر بالله، لا تغدروا ولا تغلوا ولا تقتلوا وليدا، وإذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى إحدى ثلاث، فأيتهن ما أجابوك إليها، فاقبل منهم واكفف عنهم: ادعهم إلى الدخول في الإسلام، فإن فعلوا فاقبل منهم واكفف عنهم، ثم ادعهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين، فإن فعلوا فأخبرهم أن لهم ما للمهاجرين وعليهم ما على المهاجرين، وإن دخلوا في الإسلام واختاروا دارهم، فأخبرهم أنهم يكونون كأعراب المسلمين، يجري عليهم حكم الله، ولا يكون لهم في الفئ، ولا في الغنيمة شئ إلا أن يجاهدوا مع المسلمين، فإن أبوا فادعهم إلى إعطاء الجزية، فإن فعلوا فاقبل منهم واكفف عنهم، فإن أبوا فاستعن بالله وقاتلهم.
وإن أنت حاصرت أهل حصن أو مدينة فأرادوك أن تستنزلهم على حكم الله فلا تستنزلهم على حكم الله، ولكن أنزلهم على حكمك، فإنك لا تدري أتصيب حكم الله فيهم أم لا؟ وإن حاصرت أهل حصن أو مدينة فأرادوك على أن تجعل لهم ذمة الله وذمة رسوله، فلا تجعل لهم ذمة الله وذمة رسوله، ولكن اجعل لهم ذمتك وذمة أبيك وذمة أصحابك، فإنكم إن تخفروا (2) ذمتكم وذمة آبائكم خير لكم من أن تخفروا ذمة الله وذمة رسوله.
وستجدون رجالا في الصوامع معتزلين للناس، فلا تتعرضوا لهم، وستجدون