هدية مشرك، وردهما، وعرض عليه الإسلام فلم يسلم ولم يبعد، وقال: يا محمد، إني أرى أمرك هذا حسنا شريفا، وقومي خلفي، فلو أنك بعثت نفرا من أصحابك معي لرجوت أن يجيبوا دعوتك ويتبعوا أمرك، فإن هم اتبعوك فما أعز أمرك! فقال صلى الله عليه وسلم: إني أخاف عليهم أهل نجد. فقال عامر: لا تخف عليهم، أنا لهم جار أن يعرض لهم أحد من أهل نجد.
خبر القراء وخروجهم إلى بئر معونة وكان من الأنصار سبعون رجلا شببة، يسمون القراء، كانوا إذا أمسوا أتوا ناحية المدينة فتدارسوا وصلوا، حتى إذا كان وجاء الصبح (1) استعذبوا من الماء وحطبوا من الحطب فجاءوا به إلى حجر النبي صلى الله عليه وسلم، فكان أهلوهم يظنون أنهم في المسجد، وأهل المسجد يظنون أنهم في أهليهم، فبعثهم النبي صلى الله عليه وسلم، وأمر عليهم المنذر بن عمرو بن حنيس بن حارثة بن لوذان بن عبد ود بن زيد بن ثعلبة بن الخزرج بن ساعدة بن كعب بن الخزرج الأنصاري الساعدي: أحد النقباء، وكتب معه كتابا. فساروا ودليلهم المطلب من بني سليم، حتى (إذا) (2) كانوا ببئر معونة وهو ماء من مياه بني سليم - عسكروا بها وسرحوا ظهرهم، وبعثوا في سرحهم الحارث بن الصمة بن عمرو بن عتيك بن عمرو بن عامر، وهو مبذول، ابن مالك بن النجار، وعمرو بن أمية بن خويلد بن عبد الله بن إياس بن عبيد ابن ناشرة بن كعب بن جدي بن ضمرة بن بكر بن عبد مناة (جدي بضم الجيم وفتح الدال) الضمري، وقدموا حرام بن ملحان، وهو مالك بن خالد بن زيد ابن حرام بن جندب (3) بن عامر بن غنم بن مالك بن النجار الأنصاري بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عامر بن الطفيل في رجال من بني عامر، فلم يقرأوا الكتاب.
خبر عامر بن الطفيل ومقتل القراء ووثب عامر بن الطفيل على حرام فتقله، واستصرخ بني عامر فأبوا - وكان أبو براء بناحية نجد - فاستصرخ قبائل من سليم - عصية ورعلا (4) - فنفروا معه