فلما كانوا بأصل الحرة قال: اصطفوا فنثني على الله، فاصطف الرجال صفين خلفهم النساء ثم دعا فقال: اللهم لك الحمد كله، اللهم لا قابض لما بسطت ولا باسط لما قبضت، ولا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت، ولا هادي لمن أضللت ولا مضل لمن هديت، ولا مقرب لما باعدت ولا مباعد لما قربت. اللهم إني أسألك النعيم المقيم الذي لا يحول ولا يزول، اللهم إني أسألك الأمن يوم الخوف، والغنى يوم الفاقة، عائذا بك اللهم من شر ما أعطيتنا وشر ما منعت منا. اللهم توفنا مسلمين. اللهم حبب لنا إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا، وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان، واجعلنا من الراشدين. اللهم عذب كفرة أهل الكتاب الذين يكذبون رسولك ويصدون عن سبيلك، اللهم أنزل عليهم رجسك وعذابك إله الحق.
آمين.
دخول رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وأقبل حتى طلع على بني عبد الأشهل وهم يبكون على قتلاهم فقال: لكن حمزة لا بواكي له: فخرج الناس ينظرون إلى سلامته، فقالت أم عامر الأشهلية:
كل مصيبة بعدك جلل (1) وجاءت أم سعد بن معاذ (وهي كبشة بنت رافع بن معاوية) (2) بن عبيد بن ثعلبة بن عبيد بن الأبجر، (وهو خدرة بن عوف بن الحارث بن الخزرج) (2) تعدو نحو رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد وقف على فرسه، وسعد ابن معاذ آخذ بعنان الفرس، فقال سعد: يا رسول الله: أمي، فقال: مرحبا بها، فدنت حتى تأملت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالت: أما إذ رأيتك سالما فقد أشوت المصيبة (3). فعزاها صلى الله عليه وسلم بعمرو بن معاذ ابنها ثم قال: يا أم سعد: أبشري وبشري أهليهم أن قتلاهم ترافقوا في الجنة جميعا - وهم اثنى عشر رجلا - وقد شفعوا في أهليهم، قالت: رضينا برسول الله، ومن يبكي عليهم بعد هذا؟ ثم قالت:
ادع يا رسول الله لمن خلفوا. قال: اللهم أذهب حزن قلوبهم، وأجبر مصيبتهم، وأحسن الخلف على من خلفوا. ثم قال: خل يا أبا عمرو الدابة. فخلى سعد الفرس، فتبعه الناس فقال: يا أبا عمرو، إن الجراح في أهل دارك فاشية، وليس منهم مجروح