حتى وجدوا القراء فقاتلوهم، فقتلوا رضي الله عنهم إلا المنذر بن عمرو فإنهم أمنوه إن شاء، فأبي أن يقبل أمانهم حتى يأتي مقتل حرام، فلما أتى مصرعه قاتلهم حتى قتل، وأقبل الحارث (بن الصمة) (1) وعمرو بن أمية بالسرح والخيل واقفة، فقاتلهم الحارث حتى قتل بعد ما قتل منهم عدة. وأعتق عامر بن الطفيل عمرو ابن أمية عن أمه وجز ناصيته.
وكان ممن قتل يومئذ عامر بن فهيرة: طعنه جبار بن سلمى بن مالك بن جعفر ابن كلاب الكلابي بالرمح ثم انتزعه، فذهب بعامر في السماء حتى غاب عنه وهو يقول: فزت والله! فأسلم جبار لما رأى من أمر عامر.
دعاء رسول الله على أصحاب الغدر ولما بلغ رسول الله خبر بئر معونة " جاء معها في ليلة واحدة مصاب (خبيب ابن عدي) (2) و مرثد بن أبي مرثد وبعث محمد بن مسلمة، فجعل يقول: هذا عمل أبي براء، قد كنت لهذا كارها. ودعا على قتلتهم بعد الركعة من الصبح في صبح تلك الليلة التي جاء الخبر فيها. فلما قال: سمع الله لمن حمده، قال: اللهم اشدد وطأتك على مضر، اللهم عليك ببني لحيان وزغب ورعل وذكوان، وعصية فإنهم عصوا الله ورسوله، اللهم عليك ببني لحيان وعضل والقارة، اللهم انج الوليد ابن الوليد، وسلمة بن هشام، وعياش بن أبي ربيعة، والمستضعفين من المؤمنين.
غفار غفر الله لها، وأسلم سالمها الله. ثم سجد. فقال ذلك خمس عشرة ليلة، ويقال: أربعين يوما، حتى نزلت: (ليس لك من الأمر شئ أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون) (3).
حزن رسول الله صلى الله عليه وسلم على القراء وما نزل فيهم من القرآن ولم يجد رسول الله صلى الله عليه وسلم على قتلى ما وجد على قتلى بئر معونة، وأنزل الله فيهم قرآنا نسخ بعد ما قرئ مدة " بلغوا قومنا (عنا) (4) أنا لقينا ربنا فرضي عنا