ربكم في هذه المواطن أمرا تستوجبوا وعدكم به من رحمته ومغفرته، فإن وعده حق وقوله صدق وعقابه شديد. وإنما أنا وأنتم بالله الحي القيوم، إليه ألجأنا ظهورنا، وبه اعتصمنا، وعليه توكلنا، وإليه المصير، يغفر الله لي وللمسلمين.
دعاؤه على قريش ولما رأى صلى الله عليه وسلم قريشا تصوب من الوادي - وكان أول من طلع زمعة بن الأسود على فرس له يتبعه ابنه، فاستجال بفرسه يريد أن يتبوأ للقوم منزلا - قال صلى الله عليه وسلم:
اللهم إنك أنزلت علي الكتاب، وأمرتني بالقتال، ووعدتني إحدى الطائفتين، وأنت لا تخلف الميعاد، اللهم هذه قريش قد أقبلت بخيلائها وفخرها تحادك (1) وتكذب رسولك، اللهم فنصرك الذي وعدتني، اللهم أحنهم الغداة (2).
بعثة عمر إلى قريش يعرض عليهم الرجوع ولما نزل القوم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر بن الخطاب رضي الله عنه إليهم يقول: ارجعوا، فإنه إن يلي هذا الأمر مني غيركم، أحب إلي من أن تلوه مني، (وأن) (3) أليه من غيركم أحب (إلي) من (أن) (3) أليه منكم، فقال حكيم بن حزام: قد عرض نصفا فاقبلوه، والله لا تنصرون عليه بعد ما عرض من النصف (4)، فقال أبو جهل: والله لا نرجع بعد أن أمكننا الله منهم، (ولا نطلب أثرا بعد عين، ولا يعترض لعيرنا بعد هذا أبدا) (5).
النفر الذين شربوا من الحوض وأقبل نفر من قريش حتى وردوا الحوض - منهم حكيم بن حزام - فأراد المسلمون طردهم فقال صلى الله عليه وسلم: دعوهم، فوردوا الماء فشربوا، فما شرب منهم أحد إلا قتل، إلا ما كان من حكيم بن حزام نجا (6).