مقالة عمر في سهيل بن عمرو ولما أسر سهيل بن عمرو قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: يا رسول الله، انزع ثنيته يدلع (1) لسانه فلا يقوم عليك خطيبا أبدا، فقال صلى الله عليه وسلم: لا أمثل به فيمثل الله بي وإن كنت نبيا، ولعله يقوم مقاما لا تكرهه، فقام سهيل بن عمرو حين جاءه وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بخطبة أبي بكر رضي الله عنه بمكة كأنه كان سمعها، فقال عمر رضي الله عنه حين بلغه كلام سهيل: أشهد أنك رسول الله! يريد قول النبي صلى الله عليه وسلم: لعله يقوم مقاما لا تكرهه.
تخيير رسول الله في أمر الأسرى.
وكان علي رضي الله عنه يقول: أتى جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر فخيره في الأسرى أن تضرب أعناقهم أو يؤخذ منهم الفداء. ويستشهد منهم في قابل عدتهم، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه (2) فقال ما أعلمه جبريل، فقالوا: بل نأخذ الفدية نستعين بها ويستشهد منا فيدخل الجنة. فقبل منهم الفداء وقتل منهم عدتهم بأحد. ولما حبس الأسرى بعثوا إلى أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ليكلما النبي صلى الله عليه وسلم في أمرهم، فأخذ أبو بكر يكلم النبي صلى الله عليه وسلم فيهم، ويلين أن يمن عليهم أو يفاديهم، وأخذ عمر يحث رسول الله صلى الله عليه وسلم على ضرب أعناقهم، فقبل صلى الله عليه وسلم منهم الفداء وأمن أبا عزة عمرو بن عبد الله بن عثمان (3) الجمحي الشاعر وأعتقه بعد ما أعطى النبي صلى الله عليه وسلم ألا يقاتله ولا يكثر عليه أبدا.
طرح قتلى بدر في القلب وأمر صلى الله عليه وسلم بالقلب فعورت (4) وطرحت القتلى فيها إلا أمية بن خلف فإنه كان مسمنا فانتفخ، ولما أرادوا أن يلقوه تزايل (لحمه فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اتركوه) (5).