الرجال. فأخذ سيفه وخرج، حتى (إذا) (1) كان ببطن عرنة لقي سفيان يمشي:
ووراءه الأحابيش، فهابه، وعرفه بالنعت الذي نعت له رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد دخل وقت العصر، فصلى وهو يمشي يومئ إيماء برأسه، فلما دنا منه قال: من الرجل؟ قال: رجل من خزاعة، سمعت لجمعك لمحمد فجئتك لأكون معك.
ومشى معه يحادثه وينشده، وقال: عجبا لما أحدث محمد من هذا الدين المحدث، فارق الآباء وسفه أحلامهم! فقال سفيان: لم يلق محمدا أحدا يشبهني! حتى انتهى إلى خبائه وتفرق عنه أصحابه. فقال: هلم يا أخا خزاعة.
قتل سفيان بن خالد فدنا منه وجلس عنده حتى نام الناس، فقتله وأخذ رأسه واختفى في غار، والخيل تطلبه في كل وجه، ثم سار الليل وتوارى في النهاري إلى أن قدم المدينة ورسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد فقال: أفلح الوجه! قال: أفلح وجهك يا رسول الله! ووضع الرأس بين يديه، وأخبره الخبر، فدفع إليه عصا وقال: تخصر (2) بهذه في الجنة فإن المتخصرين (2) في الجنة قليل، وكانت عنده حتى أدرجت في أكفانه بعد موته.
غزوة القرطاء ثم كانت غزوة القرطاء من بني بكر (3) بن كلاب، بناحية ضرية بالبكرات، وبين ضرية والمدينة سبع ليال. خرج فيها محمد بن مسلمة لعشر خلون من المحرم، فغاب تسع عشرة ليلة، وقدم لليلة بقيت من المحرم. وكان في ثلاثين رجلا، فسار الليل وكمن (4) النهار (حتى إذا) (5) كان بالشربة (6) لقي ظعنا من محارب، فأغار عليهم. وقتل نفرا منهم وفر سائرهم، واستاق نعما وشاء، ومضى. وقدم عباد ابن بشر عينا لينظر بني بكر بن كلاب. فلما أتاه بخبرهم شن الغارة عليهم، وقتل منهم عشرة، واستاق النعم، والشاء، وقدم المدينة، وهي خمسون ومائة بعير،