ذلك، فإن مرجعه إلى كون الأصل مثبتا فيعارض حينئذ بأصل آخر مثله، وحينئذ فالمتجه عدم الفرق بين العلم بتاريخ أحدهما وعدمه في اقتضاء الأصل عدم تقدم أحدهما على الآخر، ويبقى معه - على تقدير كون (1) المدعى لتأخر الطلاق - أصالة بقاء سلطنة النكاح، فيقدم قوله بيمينه، ومعها - على تقدير دعواها تأخره - أصالة بقاء حقوق الزوجة من النفقة وشبهها.
ولو كان الجواب من أحدهما في جواب الدعوى من الآخر لا أدري ففي القواعد والمسالك وكشف اللثام يلزم باليمين على الجزم أو النكول، فيحلف المدعي حينئذ، ويثبت حقه، فإن نكل عمل على مقتضى الأصل، كما إذا كان كل منهما لا يدري، وظاهرهم المفروغية من ذلك، بل في كشف اللثام أن الوجه فيه ظاهر، فإن الشك لا يعارض الجزم، وفي المسالك " أنه لو لم يكن كذلك لم يعجز المدعي عليه في الدعاوي كلها عن الدفع بهذا الطريق ".
قلت: قد أطنبنا في كتاب القضاء في تحرير هذه المسألة، وقلنا: إن الظاهر انحصار طريق ثبوت حق المدعي بالبينة إن لم يرض المدعى عليه بيمينه، خصوصا في صورة علم المدعي بكون المدعى عليه لا يدري أو تصديقه في ذلك أو حلفه على ذلك، فإن تكليفه اليمين الجازمة حينئذ لا وجه له، كما لا وجه لجعلها ناكلا، فلم يكن للمدعي إلا البينة، كما لو ادعى على غائب أو قاصر أو ميت ونحوه ممن لم يكن منهم إنكار، فلاحظ وتأمل.