وهو صريح في عدم الحرمة بعد حمل قوله " وإن كذبها " على إرادة غلبة الظن بكذبها، والأمر بالتجنب على ضرب من الندب والاحتياط، فيكون موافقا لما ذكره المصنف بقوله: (ولو قيل: يعمل بقولها على كل حال كان حسنا، لتعذر إقامة البينة بما تدعيه) وفي القواعد " هو الأقرب " وفي المسالك " هو الأقوى لما ذكره المصنف من تعذر إقامة البينة، مع أنها تصدق في شرطه، وهو انقضاء العدة، فكذا في سببه، ولأنه لولاه لزم الحرج والضرر، كما أشرنا إليه ".
وناقشه في الحدائق بنحو ما سمعته سابقا من أنها بحصول المعارض من مسائل المدعي والمنكر، فهي نظير ما لو ادعت المرأة أن لا زوج لها وادعى آخر أنها زوجته، فإن الظاهر أنه لا قائل بجواز تزويجها في هذه الحال بناء على أنها مصدقة في دعوى عدم الزوج، والحال أنه يدعي زوجيتها، وإنما قبول قولها مع عدم ذلك، كما هو الظاهر من الأخبار (1) المتقدمة.
لكن لا يخفى عليك ما فيه من إمكان القطع بجواز تزويجها وإن ادعى مدع، وإلا لزم تعطيل أكثر النساء بمجرد الدعوى التي لا يجبر صاحبها عليها لتقطع بظاهر الشرع وربما يقال ذلك في مقام نشر الدعوى عند الحاكم وتشاغله بقطعها، لا أن مطلق مجرد الدعوى يقتضي عدم جواز التزويج، وليس ذلك لتصديقها، بل للأصل، كغيرها من الدعاوي في المال وغيره، كما هو واضح.
نعم قد يناقش بالشك في قبول قولها في الفرض باعتبار اشتراكهما في الائتمان عليه، ولذا يصدق كل منهما فيه مع عدم معارضة الآخر، وأما مع التعارض فيشكل ترجيح أحدهما على الآخر من دون مرجح، ولعله لذا كان المحكي عن الشيخ الترجيح بغلبة الظن في قول أحدهما، ومقتضاه عدم الجواز مع عدم الترجيح، ولا ينافي ذلك في قبول قولها مع عدم معارضة الزوج باعتبار كونها مؤتمنة عليه.