ظاهرا على أن الفسخ منها أو مما في حكمها قبل الدخول مسقط للمهر، وفي النصوص ما يدل (1) عليه، بل ربما كان في قوله تعالى (2): (وقد أفضى بعضكم) إلى آخره، نوع إشعار به في الجملة، بل قد عرفت فيما مضى أن مقتضى انفساخ العقد رد كل عوض إلى صاحبه، والموت لا انفساخ فيه، والفرض هنا أنه فسخ بالخيار الذي جعله الشارع له، ولا يرد على ذلك الفسخ بعد الدخول، ضرورة حصول العوض لمن له فيه باستيفائه ولو مرة، نعم لو فرض هنا كون العقد منقطعا وقد مضت مدة وكان عدم الدخول منه لا منها توجه استقرار ملك السيد لما قابل المدة من المهر، هذا كله فيما إذا فسخ المشتري.
(فإن أجاز) أي (المشتري كان المهر له) عند ابن إدريس - ره - ومن تأخر عنه (لأن إجازته كالعقد المستأنف) المقتضي ملك المهر لمالك البضع، وفيه أنه لا يتم على ما ذكروه من الخيار الذي معناه أن له فسخ العقد، فمع فرض عدمه يكون العقد السابق تاما في الاقتضاء على حسب ما وقع، والفرض أنه كان مقتضيا لملك السيد الأول المهر، ودعوى أنه بعدم فسخه ينتقل ملك المهر من السيد الأول إلى السيد الثاني من الغرائب التي لا توافق شيئا من الأدلة، بل الأدلة أجمع على خلافها، ومن هنا لو أعتقت الأمة المزوجة قبل الدخول ولم تفسخ كان المهر للسيد بلا إشكال ولا خلاف.
ودعوى الفرق بين المقامين - بعدم اقتضاء العتق نقل المنافع، لكونه فك ملك، فيكون التزويج فيه حينئذ كاستثناء المنفعة له التي يتبعها بقاء عوضها له أيضا، بخلاف البيع الذي يقتضي نقل المنفعة للمشتري المقتضي انتقال عوضها إليه دون البائع - كما ترى لا محصل لها، ضرورة أنه إن كان التزويج السابق شبيها باستثناء المنفعة فليكن ذلك فيهما وإلا فلا، فإن المنفعة تابعة للعين، من غير فرق بين الحرية والملكية وإن كانت في الأول تكون للمحرر وفي الثاني تكون للمالك،